<P align=center>أعتقد أن المصريين هم الشعب الوحيد فى العالم الذى يصفق بحرارة لقائد الطائرة حين يهبط بهم فى المطار. <P align=center> <P align=center>لم أتوصل حتى اليوم إلى سبب هذا التصرف، فى كل مرة أخمن مبرراً لكنه لا يقنعنى: <P align=center> <P align=center>لعله التخلص من الخوف من ركوب الطائرات والفرحة بسلامة الهبوط، <P align=center> <P align=center> أو ربما هو مقدرة الطيار على هبوط مريح آمن، <P align=center> <P align=center>وقد يكون مجرد عدوى تلقائية لأول مصفق فيتبعه التصفيق كرد فعل جماعى بلا وعى. <P align=center>يستغرب الركاب الأجانب من الضجيج فى كل مرة ينفجر فيها هذا التصفيق، <P align=center> <P align=center>فلا يعرفون الداعى وتظل رؤوسهم تتلفت لمحاولة كشف لغز التصفيق والاستحسان، <P align=center> <P align=center> والبعض منهم يتساءل؛ لعل قائد الطائرة قد ذكر خبراً بلغة لا يفهمونها واستحق كلامه هذا التصفيق الابتهاجى! <P align=center>* <P align=center>ظاهرة أخرى تتكرر مع بعض أصدقائى من مصر بالذات، فنحن نتحدث كثيراً عن أحو <P align=center>النا وعن عاداتنا وتقاليدنا. نظل نُقلّب فى نقد سياسيى (الرئيس وما أدراك ما الرئيس!) <P align=center> <P align=center>ثم يتحول إلى اقتصادى (الغلاء وما أدراك ما الغلاء!) وينتقل إلى اجتماعى <P align=center> <P align=center>(الأسرة والأصدقاء، وما أدراك ما الأقارب والأصدقاء!) ثم الدين (وما أدراك ما الفتاوى والأخلاق!). <P align=center> <P align=center> فجأة فى نهاية الحديث أجد الصديق يقول بكل بساطة قبل أن يتحرك للمغادرة وبشكل حاسم: <P align=center> <P align=center>«بس احنا برضو أحسن ناس!» ينسف كل ما تحدثنا فيه وكأن شيئاً لم يكن؛ <P align=center> <P align=center> بمعنى أن كل شىء يسير على ما يرام، كأنه مسّ شيئاً مقدساً لا يجوز له أن يقترب منه. <P align=center> <P align=center> بعد مغادرة صديقى أشعر أننا (محلك سر) لم نخطُ خطوة واحدة نحو فكرة تصحيح واحدة ولو بنية القلب. <P align=center> <P align=center>وهناك أيضا (معلش أو معلهش) التى تخدر وتكدر ولا تصبّر، <P align=center> وتنسف وتنزف ولا تسعف، وتحتاج لمقالة منفصلة أو ربما لنظرية! <P align=center>* <P align=center>فى رحلتى الأخيرة لمصر ركبت الخطوط الجوية النمساوية. بدلت مقعدى -بناء <P align=center> <P align=center>على رغبة أحد الركاب- من المقدمة إلى نهاية الطائرة، حتى لا يجلس منفصلا عن زوجته. <P align=center> <P align=center> جربت بنفسى هذا الفصل التعسفى أكثر من مرة فى رحلاتى، <P align=center> <P align=center>وفيه كنت أنفصل عن زوجتى لخطأ ما، فتفهمت الأمر وتركت له مكانى طواعية. <P align=center> <P align=center>من مكانى الخلفى لاحظت مجموعة من المشاهد الطريفة؛ فطفل عمره سنتان يريد أن يلعب <P align=center> <P align=center> فى شاشة العرض التى تعرض المعلومات والأفلام للركاب، وبدلا من أن تبعده أمه عن الجهاز <P align=center> <P align=center> وجدتها ترفعه بكل سرور ليعبث بما لا ترى بأصابع ملوثة ببقايا طعام أو شراب، <P align=center> <P align=center>دون أن تنتبه، بل يبدو أنها فرحت بانشغاله. <P align=center> <P align=center> <P align=center>المشهد الثانى كان بعد أن انتهى الركاب من تناول وجبة الغداء، وجدت مجموعة من الصبايا <P align=center> <P align=center>فى عمر يتراوح بين عشر سنوات وست عشرة سنة، ينقلن الصوانى الصغيرة المكومة <P align=center> <P align=center> فوق بعضها البعض-كنوع من المساعدة- إلى مطبخ المضيفات فى الخلفية. <P align=center> <P align=center> ساد الطائرة الهرج والمرج. أصاب الذعر المضيفات من هذا المنظر، فهن لهن ترتيبهن المنظم <P align=center> <P align=center>فى جمع هذه الأشياء، ومساعدة الصبايا للمضيفات هنا غير مجدية على الإطلاق. <P align=center> <P align=center>المشهد الأخير كان عند نزولى من الطائرة، وهو رؤية أرضية الطائرة فى فوضى واتساخ، <P align=center> <P align=center> من بقايا أطعمة وأكواب وملاعق وشوك وجرائد ممزقة وبقايا لأشياء أخرى <P align=center> <P align=center> لم أعرف ما هى ولا من أين جاءت أصلا! <P align=center>* <P align=center>
الغريب أننى حكيت بعض هذه الوقائع ضمن حكايات كثيرة مشابهة لأصدقائى فى مصر؛
فكانوا يستمعون ويبدو على وجوههم الاهتمام ثم الامتعاض ثم ينتقدون الأحداث والتصرفات
بكلام أكثر قسوة من أن أتلفظ به، لكنهم يختمون اللقاء فى النهاية وقبيل الانصراف،
بنسف كل الحديث السابق بجملة ثابتة محفوظة مقدسة:
«بس احنا برضو أحسن ناس!»
Admin Admin
الساعة الآن : عدد المساهمات : 198 تاريخ التسجيل : 13/09/2012