أرجوكم لا تكذبوا بسهولة!13/1/2013 نبيل عمر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لا يمكن أن نبطل حالة التحارب التى تكاد تعصف بنا دون أن نتوقف عن الكذب،
وهو كذب وقح بالغ الاستهانة بالناس، وكذب من جميع الأطراف،
كذب فى السياسة وكذب فى الدين، كذب فى الاقتصاد وكذب فى الإدارة،
كذب فى السلطة وكذب فى المعارضة، وكله باسم الله ولمصلحة الوطن والمواطن!
والصراع السياسى لا يلزمه كل هذا الكذب، وليس من ضروراته،
صحيح أن السياسة فيها مناورات وألاعيب وتدبيرات وتحالفات وخصومات
وانقسامات وأحيانا أكاذيب داخلية، خصوصا فى دولة تحبو ديمقراطيا، وما زال أمامها الكثير،
فالديمقراطية ليست صندوق انتخابات كما يروج الكاذبون ولا أغلبية وأقلية ولا مؤسسات لها أشكال دستورية، الديمقراطية أسلوب حياة، نمط فى التفكير والتصرفات العامة والخاصة
، فصندوق الانتخابات مجرد إجراءات فى نهاية (عملية قائمة على النزاهة والشفافية والحرية
والمساواة والتربية والتعليم والفهم والتنافس المتكافئ)،
ولكن أن نكذب طوال الوقت، ونظهر غير ما نبطن، ونقول كلاما منمقا لا أساس له من الصحة، فهذه مصيبتنا الأخطر، وهى التى تقطع الطريق على أى محاولات للقضاء على حالة التحارب،
وتزيد من مساحات الشكوك وفقدان الثقة، لأنه يقينا كل طرف
لا يصدق الطرف الآخر ولا يرتاح إلى نياته ولا يستطيع أن يأمن جانبه.
طبعا.. العالم كله فيه حكومة ومعارضة، وصراع على السلطة، وصحافة تنتقد متجاوزة
حدودا نتصورها خروجا على المألوف وعلى تقاليد العشيرة والقبيلة والدور الأبوى
لأى مسؤول كبير، من شيخ المسجد إلى المرشد، ومن ملاحظ فى عمل إلى رئيس الجمهورية،
لكن لها قواعد صارمة من الوضوح والشفافية، ومن يثبت عليه أى كذب حتى لو كان مقدار ذرة،
يعزل من منصبه فورا، ويسقط مستقبله السياسى فى جب النسيان سقوطا مدويا،
كما حدث للرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون فى فضيحة ووتر جيت
فى سبعينيات القرن العشرين، ولغيره من سياسيين فى بريطانيا وفرنسا وإيطاليا!
وقضايا إهانة الرئيس المرفوعة ضد كثير من الصحفيين والإعلاميين
هى بالضرورة ضد الديمقراطية، فلا قداسة لمنصب ولا لأى شخص يشغل منصبا عاما،
فكله على المكشوف وفى منتهى الشفافية، حتى يمكن حماية الناس من أى قوانين أو قرارات
يمكن أن تدبر لهم فى الظلام وتسرى عليهم وهم لا يدرون عنها شيئا:
أسبابا وأهدافا حقيقية وليست كذبا وتمويها عليهم، لا سيما أن وسائل الإعلام العامة
تتراص دوما خلف السلطة، وأكبر دليل ما سمعناه من مسؤولين كبار
وصفا عن حرية الصحافة والتعبير والرأى فى مصر الآن فى جلسات اتحاد الصحفيين العرب،
إذ قال وزير الإعلام المتحدث باسم رئاسة الجمهورية «إنها حرية غير مسبوقة»،
وكان الوصف كذبا بواحا، فالمصريون انتزعوا فى السنوات الخمس الأخيرة من عصر حسنى مبارك
هذه الحرية انتزاعا ومارسوها على نطاق واسع، وقد وصلت إلى حد سب الرئيس السابق
بألفاظ فى غاية القسوة، منها على سبيل المثال «تيوس، أتقيأ اسمه حين أذكره، حامى الفساد،
أسوأ رئيس فى العالم»، وأصحاب هذه التعبيرات أحياء يرزقون، بعضهم يلاحقه
الرئيس محمد مرسى بقضايا فى المحاكم، والصحيح أن عدد الصحفيين
والإعلاميين الملاحقين قضائيا فى أول ستة أشهر وبضعة أيام
من حكم الرئيس مرسى هو الذى وصل إلى رقم غير مسبوق، ربما فى تاريخ مصر كله.
والسؤال: كيف نخرج من هذه الحالة؟!
فعلا نحن فى حاجة إلى تصالح مع أنفسنا ومع بعضنا البعض
دون أن نتنازل عن خصوصية كل منا فى التفكير والأفكار؟
أتصور أن الرئيس ما زالت أمامه فرصة هائلة لتوحيد مصر مرة ثانية قبل ٢٥ يناير
بأن يدعو كل التيارات السياسية إلى حوار جاد وحقيقى للخروج من النفق،
لا لإقناعها بأنه «طيب»، ولا يسعى إلا إلى مصالح الوطن، فالأوطان لا تدار لا بالنيات
ولا بالرغبات ولا بالتفسيرات الخاصة ولا بالتمكين ولا بحشد المؤيدين للسلطة
ولا بمخاطبة الجماهير البسيطة واللعب بعقولها، الأوطان تدار بالقواعد العامة المجردة
والرؤية السياسية الواسعة وتوافق طبقات المجتمع وفئاته.
وأن يكون الحوار شفافا وتعلن تفاصيله على الرأى العام، حتى لا يقال إن ما نتفق عليه
فى الغرف المغلقة ينقلب العكس أمام أضواء الكاميرات فى برامج التوك شو،
وأيضا ليكون الشعب مشاركا وشريكا وحكما على الجميع، فيستطيع أن يحدد من
الذين يمنعون الوفاق ومن يغيرون مواقفهم لأسباب شخصية أو ثأرية أو تآمرية؟
وبالتالى يعزل هؤلاء الذين يقفون حجر عثرة أمام استقرار الوطن وعودة الهدوء والأمن إليه.
موضوع: أرجوكم لا تكذبوا بسهولة! 
