الأضاحى جمع أضحية، ويقال لها: الضحية أو الأضحاة، وبها سُمى يوم الأضحى، أى اليوم الذى يضحى فيه الناس.
والأضحية فى اصطلاح الفقهاء هى ما يذبح تقرباً إلى الله تعالى فى أيام النحر بشرائط مخصوصة.
والأضاحى شعيرة دينية منذ عهد سيدنا إبراهيم، عليه السلام، لتكريم الإنسان وفدائه بالأنعام.
وكان الله عز وجل قد أرى إبراهيم فى منامه أنه يذبح ولده إسماعيل إعلاناً لطاعته لله ولو كان ببذل فلذة الكبد،
وحكى إبراهيم ذلك لابنه إسماعيل، الذى رحب بما ظن أنه أمر الله، وقبل إنفاذ عملية الذبح التى رأيا فيها الطاعة لله
جاء فرج الله عز وجل بندائه الذى حكى فيه تصديق إبراهيم للرؤيا وأنها كانت ابتلاءً، وأن القضاء المبرم
هو تقديم الذبح من بهيمة الأنعام فداءً للإنسان. قال تعالى عن إبراهيم: «فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعى
قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين.
فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين.
إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم» (الصافات: 101-107).
وعندما بعث الله سيدنا محمداً بخاتم رسالاته وأكمل له الدين أبقى شعيرة الأضاحى رمزاً دينياً
إلى قيام الساعة. واختلف الفقهاء فى حكمها التكليفى للقادر عليها على مذهبين فى الجملة.
المذهب الأول: يرى أن الأضحية واجبة فى كل عام يأثم من يتركها بغير عذر مسوغ. وهو مذهب الحنفية فى الجملة،
وأحد القولين للإمام مالك، وبه قال الليث بن سعد. وحجتهم: عموم قوله تعالى: «فصل لربك وانحر» (الكوثر: 2)،
فقد ورد فى تفسير هذه الآية أنها آمرة بصلاة عيد الأضحى ونحر الإبل، والأمر للوجوب فى حكم الأصل.
ويؤكده ما أخرجه أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبى هريرة أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال:
«من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا». وهذا كالوعيد على ترك التضحية، والوعيد إنما يكون على ترك الواجب.
المذهب الثانى: يرى أن الأضحية سنة، وليست واجبة، على القادر المستطيع، فلا يأثم من تركها ولو بغير عذر،
وإنما يُحرم من ثوابها. وهذا مذهب الجمهور قال به أبويوسف من الحنفية، وهو المشهور عند المالكية،
وإليه ذهب الشافعية والحنابلة. وحجتهم: ما أخرجه مسلم عن أم سلمة أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال:
«إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحى فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئاً»، فقوله «وأراد أحدكم أن يضحى»
فيه تفويض إلى إرادة الإنسان، وهذا دليل على أنها ليست فرضاً أو واجباً، وإنما هى من المسنونات التى يُثاب فاعله
ا ولا يُعاقب تاركها. كما يدل على عدم وجوب الأضحية ما أخرجه البيهقى وحسنه النووى
أن أبا بكر وعمر (رضى الله عنهما) كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يُرى ذلك واجباً.
ويشترط لمشروعية الأضحية، سواء قلنا بوجوبها أو قلنا بسنيتها، عدة شرائط أهمها: (1) الإسلام؛
لأن المسلم هو المخاطب بتكاليف دينه، أما غير المسلم فله دين آخر يلتزم به، ولا يجوز شرعاً تكليفه بغير ما التزم،
لقوله تعالى: «لا إكراه فى الدين» (البقرة: 256). (2) الغنى أو القدرة على الأضحية بما يفيض عن حوائجه الأصلية
هو ومن تلزمه نفقتهم يوم العيد، وأيام التشريق الثلاثة بعده عند الجمهور. وقال الحنفية إن معيار الغنى
هو امتلاك نصاب الزكاة بالفضة وهو مائتا درهم (600 جرام تقريباً أى ستة آلاف جنيه مصرى إذا كان سعر الجرام عشرة جنيهات)
هذا بخلاف امتلاكه لأجرة مسكنه وحوائجه الأصلية وديونه. وللحديث بقية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]