النهايه بموعد مسبق
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لم يتبق إلا ساعات وتنفلت روحى من بين ضلوعى..
تبحث دمعات عينى المتحجرة عن قناة تجرى فيها فلا تجد.. حاولت النوم فربما يخفف بعضا من توترى
غفت جفونى لحظات ظننت أنه الدهر الذى راحت أيامه بحلاوتها ومرارتها
تتسمر نظراتى فى سقف زنزانتى.. أتحسس جسدى، نعم ما زلت حيا
لكن ماذا ينفعنى هذا الجسد وأنا على مشارف عالم جديد لا يعرف من هم مثلى إلى أى الأماكن ينتمون.
فى الفجر سينتهى كل شىء.. سيجهزنى الشاويش رياض لاستقبال هذا الضيف
الذى لا نعرف مجيئه إلا نادرا.. أنا من القلائل الذين ينتظرون خلف الباب.
تنسدل المياه على جسدى معلنة طهارتى من كل ذنوب الأرض فلن يكتب اسمى إلا فى خانة التائبين
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له..
سبعة شهور وعشرة أيام هى عمرى الحقيقى صليت كل ركعاتى السابقة..
أرسلت رسائل اعتذار لكل من أذنبت فى حقهم لم يبق إلا هى حاولت مرارا أن أتحدث إليها..
أن تقبل حرقة قلبى على ما فات.. أريدها أن تصدقنى أن تعرف أن والدها لم يقتل لأنه يعشق القتل إنما قتل من أجلها هى
حتى تعيش مرفوعة الرأس لا ينغص حياتها تلك الأفعى التى أرادت بث سمومها لتقتل براءتها
سمعت صوتها ينادينى بابا كم اشتقت إلى أحضانك لكننى لن أسامحك
ضيعتنى وضيعت ما تبقى من عمرك إلى جوارى حاول صوت دموعى المتقطعة
أن يشفع لى عندها لكننى مهما قلت وادعيت فلها كل الحق
فالقتل قتل ومهما كانت مبرراته
ومهما قدمنا من أعذار وصبغنا الحقيقة المرة بلون وردى..
لن أستطيع الدفاع عن نفسى وآثرت أن يدفن سرى فى كفنى
لن أبوح حتى لنفسى
لن أتذكر كيف قبضت قبضات متتالية على عنقها عندما قررت أن تحرمنى السكينة
وقلبى المطعون مازال ينزف.. استحقت أن تتبخر حياتها على يدى..
ولو كنت معها فى ذلك اليوم.. واستفزت رجولتى وعايرتنى بأن ابنتى ليست ابنتى
وأن زوجتى ادعت حملها منى لكنت جردتها من الحياة آلاف المرات ولن يغرقنى الندم.
أرادت أن تلوث شرف زوجتى بعد أن غادرت دنيتنا وليس لها علينا سوى الدعاء بالمغفرة
عذرا يا ابنتى سامحينى مدى يديك لتمسحى آخر دمعات حزنى.. فلن يكون هناك حزن بعد اليوم.
أخيرا قالتها: سامحتك.. تعطرت أذنى بملمسها وانزويت أحصى دقائقى الباقية ما بين حياتى الفانية وموتى الأبدى
فابتسمت وطلبت وجبة دسمة ساخنة آخر صلتى بعالم الأحياء..
التهمت طعامى وكأننى لم أتذوق اللحم فى حياتى تأملت رائحة الشواء واستغرقت فى لذته، ا
ختلطت مشاعر الجوع والشهوة فى ما أتناوله حتى شعرت بخدر يتملك جسدى ويفصلنى عن الزمن
تخيلت نفسى عصفورا يحلق فى سماء أخرى غير التى نراها كل يوم لا سحب فيها ولا غبار
ولا دخان يلوث الأجواء سماء زرقاء صافية أرى صورتى فيها من صفائها
أيقنت أن الوقت حان وبدت كل مفردات الكلمات التى سردها سجانى على مسامعى كطيف بعيد،
وسحيق ووجدت نفسى أتلو آيات قرآنية بصوت خفيض لا تعى كلماته وحروفه إلا أذنى
شكرته لأنه أعطانى الفرصة للتطهر فى زمن تنتزع الفرص من فم الأسد
شد الحبل المعقود مسبقا حول عنقى.. نطقت الشهادتين، ملأت رئتى من هواء الدنيا
إحساس مختلف أن ترحل بموعد مسبق.. يعتبرها من هم مثلى نعمة لا تقدر بمال.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]