(عايزة ماما).. (أروح لماما).. (ماما فين)..
تنزوى شهد فى ركن بعيد مظلم من الصالة، حتى لا يراها أحد وهى تبكى.. ترتعش..
تنتفض خوفاً من نظرات زوجة أبيها التى تلاحقها فى كل مكان.. تناديها (شهد)،
فكأنما تطلق على جسدها سيلا من الرصاص.. تحاول الاختباء وراء أختها هاجر..
لكنها لم تكن لها ملاذا فى مواجهة طوفان الشر المتحرك الذى ألبسه القدر ثوب امرأة وزوجة وأم..
لحظات و تدخل (منى) إلى حجرة زوجها والد (شهد)، توقظه بإلحاح شديد.. تستفزه بصراخها.
تحثه للنيل من ابنته من زوجته الثانية التى انفصل عنها.. تشعل نار الحقد والانتقام فى عقل وقلب محمود..
اختارت والدة شهد أن تتزوج وتلقى بابنتها بين أنياب من لا يرحم..
يقرر محمود الانتقام، يسلط غضبه ونقمته على شهد.. ابنته التى لم تكمل عامها الثالث بعد..
محمود لم يجد سوى حزامه الملقى على السرير، يمسكه ويشحذ كل همته لينقض على شهد
يبرحها ضربا فى كل جزء من أجزاء جسدها..
تنفجر الدماء من جسدها الصغير.. لم تهتز مشاعره أمام صراخ ابنته..
لم يشعر بقشعريرة وهو يرى دماءها تسيل بين يديه..
حتى سكتت عن الصراخ.. توقف شهيقها المسموع.. وزفيرها المتقطع عن الخروج..
يهزها بقدميه.. يقرصها من ذراعيها الصغيرين.. يشدها من شعرها القصير الذى أحرقته منى بالأمس القريب..
لا حياة.. انتهت شهد..
تولول منى.. قتلت بنتك يا محمود.. هتدخل السجن!!
البنت ماتت.. تتساقط دموعها الباردة بلا روح.. تتخيل (منى) أنها تقف أمام وكيل النيابة.. فتتقمص دور الأم المكلومة..
(محمود هواللى قتل بنته.. كانت زنانة وما بتبطلش عياط.. ده أمها رميتها وراحت تتجوز.. منها لله).
جريت هاجر على أختها من أبيها تبكى شهد..
تنادى عليها (شهد قومى يا شهد) قومى هنروح لماما.. ياله هاديكى العروسة بتاعتى..
الآن..
لم تعد شهد تريد شيئاً.. لن تصرخ أو تبكى بعد اليوم.. ستستريح منى ومحمود منها..
سيستريح الجميع من بكائها..
هى أيضاً ستستريح من تعذيب والدها وزوجته..
لن يشترى محمود السجائر الفرط، ليطفئها فى جسدها الصغير..
لن تكوى (منى) قدميها بملعقة ساخنة حتى تتوقف عن البكاء..
لن يقيد والدها يديها فى سرير حجرتها، عقاباً لها لأنها تريد أن تذهب لأمها..
ستمحى الذكريات القاسية من رأسها الصغير.. لن تذكر سوى الذكريات الجميلة..
شهد لن تشعر بألم مرة أخرى.. ستجرى وتلعب.. ستضحك بملء فمها لأول مرة فى حياتها القصيرة بعيداً عن ماما..
يحتضنها من هو أحن علينا من أمهاتنا جميعا..
ستنتظر أمها فى أجمل مكان يمكن أن يحيا فيه إنسان..
هل يستحق أولادنا أن نضحى بهم انتقاما لأنفسنا؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]