[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] سعد الدين الهلالى
الموت هو مفارقة الروح الجسد، فليس بإفناء وإعدام -كما يقول النووى- وإنما هو انتقال وتغير حال من الدنيا إلى الآخرة.
والموت هو الحق الذى اجتمعت فيه كلمة الناس مع اختلاف عقائدهم، وقد ثبت فى الصحيحين
عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد:
ألا كل شىء ما خلا الله باطل». وقد عزانا الله تعالى فى قوله:
«كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة».
ورغم أن الموت حق يتساوى فيه جميع الناس فإنهم يختلفون فى مراتبه، فليس من مات طفلاً كمن مات بالغاً،
وليس من مات على سريره بوجه معتاد كمن مات شهيداً أو بصفة الشهادة.
ونوضح هاتين المرتبتين، ونبدأ بمرتبة موت الأطفال.
والطفل يطلق على المولود حتى سن البلوغ، وهذه المرحلة من العمر ليس فيها تكليف بالإجماع؛
لما أخرجه ابن حبان وأحمد وأصحاب السنن عن أبى هريرة وغيره أن النبى -صلى الله عليه وسلم-
قال: «رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الغلام حتى يحتلم -وفى رواية:
عن الصغير حتى يكبر- وعن المجنون حتى يفيق». لذلك أجمع الفقهاء على أن مرتبة موتى الأطفال
ليست كمرتبة موتى الكبار البالغين، الذين مارسوا شيئاً من سلطات الحياة فاستحقوا الحساب يوم الحساب،
فشرعت لهم صلاة الجنازة وجوباً فى الجملة لعلها تشفع لهم. أما الأطفال الذين ماتوا فى سن البراءة
ولم يحكموا على شىء فى الدنيا فعلى أى شىء يُحاسبون فى الآخرة. ولذلك اختلف الفقهاء فى حكم غسل موتاهم
والصلاة عليهم، فذهب أكثرهم إلى وجوب ذلك، وحكى بعضهم الإجماع فيه؛ عملاً بسنة الموتى فى الإسلام
وما أخرجه أصحاب السنن والحاكم وصححه عن جابر بن عبدالله أن النبى -صلى الله عليه وسلم-
قال: «إذا استهل الصبى ورث وصلى عليه».
وذهب بعض الصحابة والظاهرية وغيرهم إلى وجوب غسل موتى أطفال المسلمين دون الصلاة عليهم؛
لأن الصلاة على الموتى شفاعة لهم والأطفال ليسوا فى حاجة إلى ذلك.
أما الغسل فبابه فى النظافة أوسع بخلاف الصلاة فإنها خالصة فى العبادة وهى لا تجب إلا على المكلفين.
وحتى جمهور الفقهاء الذين قالوا بوجوب الصلاة على موتى أطفال المسلمين فإنهم قالوا إن الدعاء فى تلك الصلاة
يكون لذويهم. يقول ابن حزم: إن كان الميت صغيراً فليقل: «اللهم ألحقه بإبراهيم خليلك»؛ للأثر الذى صح أن الصغار
مع إبراهيم -عليه السلام- فى روضة خضراء. وقد أخرج الحاكم وصححه عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم-
قال: «أولاد المؤمنين فى جبل من الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة».
وذهب أكثر الفقهاء إلى أن دعاء المصلى على الطفل يكون بما روى عن الحسن البصرى أنه كان يقول:
«اللهم اجعله لنا فرطاً واجعله لنا أجراً». وفى رواية: «اللهم اجعله سلفاً لوالديه وفرطاً وأجرأ». والفرط
-بفتح الفاء والراء- ما يتقدم الإنسان من أجر وعمل. وقد أخرج مسلم عن عائشة قالت: دعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
إلى جنازة صبى من الأنصار: فقلت يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه.
قال: «أوَ غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلاً،
خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم».
وللحديث بقية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]