[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] كانت مصر قبيل الفتح إحدى الولايات التابعة للدولة الرومانية ، استولى عليها الروم سنة 40 قبل الميلاد ،
فجعلوها تمدهم بما يحتاجون إليه من الغلال ، وأغلقت أمام سكان مصر الأصليين أبواب المناصب العالية ،
وزادت عليهم الضرائب زيادة كبيرة شملت كل إنسان في مصر حتى وصل الظلم إلى إلزام الشعب
بأن يقوم بغذاء الجنود الروم المارين والمستقرين بمصر كلهم ، حتى تمنى المصريون الخلاص من الروم .
ولما وصل عمربن الخطاب إلى الجابية قرب دمشق سنة 18هـ قال له عمرو بن العاص :
ائذن لي في المسير إلى مصر ؛ إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعوناً لهم .
وتردد عمر في الأمر خوفاً على المسلمين أن يصيبهم الإرهاق من كثرة الحروب المتواصلة وقد فرغوا قريباً
من فتوحات الشام ، وخشية من التوسع في الفتح دون أن ترسخ أقدام المسلمين وينشروا دينهم في البلاد المفتوحة ،
لكن عَمراً هون الأمر على الخليفة ، فقال له عمر حينذ : إني مرسل إليك كتاباً وأمرتك فيه بالانصراف عن مصر ،
فإن أدركك قبل أن تدخلها أو شيئاً من أرضها فانصرف ، وإن دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك ،
واستعن بالله واستنصره . وسار عمرو إلى مصر عابراً فلسطين من شمالها إلى جنوبها ،
وفي رفح وصله كتاب أمير المؤمنين ، فلم يتسلمه من حامله ، حتى شارف العريش ، فأخذ الكتاب ،
وقرأه على أصحابه ، فإذا عمر يأمره فيه بالانصراف إن لم يكن قد دخل أرض مصر ،
ولكن عَمْراً الآن في أرض مصر ، فأمر الجيش بالمسير على بركة الله . اخترق الجيش سيناء سنة : 18هـ ،
ففتح العريش من غير مقاومة تذكر ؛ لأن حصونها لم تكن من المتانة لتصمد في وجه المسلمين المجاهدين
زمناً طويلاً، ولعدم وجود حامية رومية بها . ثم غادر عمرو العريش ، سالكاً الطريق الذي سلكه في تجارته الى مصر .
ولم يشتبك عمرو مع جند الروم في قتال حتى وصل إلى مدينة الفرما ذات الحصون القوية ، فحاصرها المسلمون
أكثر من شهر ، وتم الفتح في أول شهر المحرم 19للهجرة ، وسار عمرو بعد ذلك حتى وصل بلبيس فوجدها محصنة ،
وفيها أرطبون الروم ، وقد فرّ من فلسطين قبيل تسليم بيت المقدس ، وخلال شهر من الحصار والاشتباكات فتحت المدينة ،
وكان بها ابنة المقوقس أرمانوسة ، فأرسلها عمرو إلى أبيها معززة مكرمة . وطلب عمرو المدد من أمير المؤمنين ،
فأرسل أربعة آلآف مجاهد ، وعلى رأسهم : الزبير بن العوام ، والمقداد بن عمرو ، وعبادة بن الصامت ،
ومسلمة بن مخلد ، وكتب إليه : ( إني قد أمددتك بأربعة آلآف ، على كل ألف رجل منهم مقام الألف .. ) .
وصل هذا المدد بقيادة الزبير إلى عين شمس فسار عمرو لاستقباله ، ولكن تيودور قائد الروم تقدم في عشرين ألفاً
ليضرب المسلمين ضربة قاصمة قبل وصول المدد ، ولكن عمراً تنبه للأمر فوضع كميناً في الجبل الأحمر
وآخر على النيل ، ولاقاه ببقية الجيش ، ولما نشب القتال بين الفريقين خرج الكمين الذي كان في الجبل الأحمر
وانقض على الروم ، فاختل نظامهم ، واضطرب تيودور فتراجع لينظم قواته ، فقابله الكمين الذي كان بقرب النيل ،
فأصبح تيودور وجيشه بين جيوش المسلمين من ثلاث جهات ، فحلت به الهزيمة ، فركب بعضهم في النيل
وفر إلى حيث لايرى ، وفر قسم كبير منهم إلى حصن بابليون فقويت الحامية في هذا الحصن .
لم يبق أمام عمرو إلا حصن بابليون ،فإن فتح فتحت مصركلها ، ولكن الحصار طال وتأخر الفتح سنتين ،
وما ذاك إلا بسبب : قلة عدد المسلمين (8004 رجل ) ، ومتانة أسوار حصن بابليون ،
وتجمع الآلآف من جند الروم به ، وقلة معدات الحصار مع الجند المسلمين ، مع فيضان النيل .
وطلب المقوقس من عمرو رجالاً يتحادث معهم من المسلمين فأرسل إليه وفداً بقيادة عبادة بن الصامت ،
وأبقى عمرو رسل المقوقس عنده يومين وليلتين حتى يطلعوا على أحوال جند المسلمين فيخبروا بذلك
من وراءهم ، ثم ردهم عارضاً عليهم الإسلام أو الجزية أو القتال . أما الزبير بن العوام فقال للمسلمين :
إني أهب نفسي لله تعالى ، وأرجو أن يفتح الله بذلك للمسلمين . فوضع سلما ً إلى جانب الحصن ثم صعد ،
وأمرهم إذا سمعوا تكبيرة يجيبونه جميعاً ، فما شعروا إلا والزبير على رأس الحصن يكبر ، ومعه السيف ،
وقد عصب رأسه بعمامة صفراء علامة حب الموت أوالنصر . وقفز الزبير داخل الحصن ،
وتحامل الناس على السلم حتى نهاهم عمرو خوفاً أن ينكسر السلم ، ومن داخل الحصن كبر الزبير تكبيرة ،
وأجابه المسلمون بالتكبير بصوت واحد ، فارتبك أهل الحصن وظنوا أن المسلمين قد دخلوا ،
واستطاع الزبير أن يفتح الباب ، واقتحم المسلمون الحصن ، وامتلكوا بذلك مفتاح مصر .
ولما خاف المقوقس على نفسه ومن معه سأل عمرو بن العاص الصلح ودعاه إليه ، فأجابه عمرو إلى ذلك .
وكان فتح مصر يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين من الهجرة ؛ والذي بسببه انتشر الإسلام في شمال إفريقيا .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]