كأى طفل مسلم، كنت أتمنى لو عشت فى زمن النبى وعايشته. حاولت. فى سن الـ١٤ انضممت إلى الجماعة الإسلامية.
خطوة. فى سن الـ١٩ أتممت حفظ القرآن بمجهود فردى بحت. قفزة.
لم يكن خافيًا علىّ وقتها الشبهات حول بعض تصرفات النبى. لم أهتم. إيمانًا. حبًّا. ومنطقًا أيضًا.
النبى لم يُخفِ حبه للنساء. ثم إننى، أنا المراهق وقتها، أفهم ذلك جدًّا. لماذا لا يتمتع رجل فى مكانته
بما شاء من النساء ما دام حلالًا! بل هذا ما سأفعل أنا. سأكون مزواجًا مطلاقًا كالحسن بن على،
تزوج وطلق ٩٩ مرة (٩٩!). القرآن وعده بسعة الرزق عند الزواج: «وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين
من عبادكم وإمائكم، إن يكونوا فقراء يغنهم الله»، ووعده بسعته عند الطلاق أيضًا: «وإن يتفرقا يُغنِ الله كلا من سعته».
تقدمت لخطبة فتاة قبل أن أتم ١٦ سنة. وتمنيت الدولة الإسلامية لكى يكون لدىّ ملك يمين.
كانت هذه أحلامى فى المرحلة الثانوية وفى السنوات الأولى فى كلية الطب.
ثم إن النبى نفّذ عمليات اغتيال ضد مَن انتقدوه، ونفّذ مذابح! وماله! كان هؤلاء يهودًا. وكانت الحروب عليهم مبررة.
مرة ربط أحدهم ذيل فستان امرأة مسلمة فى رقبتها، كانت جالسة فى متجره، فلما قامت انكشفت عورتها.
ومرة أوشك أحدهم أن يلقى على النبى حجرًا. لم يُلقِه فعلًا. بل قال النبى إن الله أوحى إليه بهذا وهو جالس تحت البيت.
فى كل الأحوال، استحق بعضهم الطرد من الجزيرة، واستحق آخرون أن يُقتَل كل رجالهم وفتيانهم، وأن تُسبَى نساؤهم.
والوحيد الذى اعترض على هذا من «الصحابة» سُمِّى فى التاريخ الإسلامى رأس النفاق. ولا مانع أبدًا
(راجعى الفقرة السابقة) أن يتزوج النبى بعد خيبر أجمل المسبيَّات، صفية بنت حيى بن أخطب،
بعد أن قطع المسلمون للتو عنقى أبيها وزوجها، لدرجة أن الصحابى أبا أيوب ظل على باب دار النبى فى ليلة العرس،
فلما سأله النبى عن السبب، قال «خفت عليك من هذه المرأة؛ قتلتَ أباها وزوجها وقومها وهى حديثة عهد بكفر فبتُّ أحفظك».
فعلًا لم يكن لدىّ مشكلة مع هذا. عادات زمانه.
ولم تكن لدىّ مشكلة مع كون الحجاب ميزة للحرائر، وأن الأَمَة (الجارية) تُمنع منه. بل يجب أن تسير الأمة
كاشفة بدرجة ما عن جسدها لأنها وسيلة للمتعة وبضاعة للاستثمار. وعمر بن الخطاب
رأى أمة ترتدى الحجاب فضربها بالدَّرَّة. لم يكن لدىّ مشكلة مع العبودية. عادات زمانهم.
... هذا كان.
أما الآن، فقد قفز الموضوع من النبى إلى «السُّنِّية». ونفس الأفعال حين يطالب بها أشخاص مثلهم مثلى، فى زمانى الحاضر، تصيبنى بنفور رهيب.
أما السؤال الذى يحيّرنى جدًّا فهو: لو تَخيّلنا النبى واقفًا فوق قمة جبل، ونحن فى القاع. هل هؤلاء
الذين وقفوا على المنصة أمام جامعة القاهرة، أو هؤلاء الذين خرجوا لنصرة الاستبداد باسم الدين وضربوا المعارضين،
هل هؤلاء أقرب إلى النبى من الآخرين؟ لن أقول يشبهونه، إنما أقول أقرب إلى خلقه وفهمه للحياة وطريقته فيها؟!
هل عبد الله بدر يتحدث بلغة أقرب إلى النبى؟ هل عاصم عبد الماجد وأبو إسلام صورة مقربة، بقدر الإمكان،
من خلق النبى وسمته؟ بعبارة أخرى: لو أراد مَن فى السفح أن يقترب من القمة هل لا بد أن يمر بمرحلة
يكون فيها مثل هؤلاء؟! بشيوخ الفضائيات، وبساسة أحزاب الاستبداد الدينى؟
بل هل يمكن أن يكون الإسلامجية صادقين فى أن محمد مرسى هو الصورة الأقرب للنبى فى الحكم؟!
لا تنتظرى منى أن أتحدث نيابة عن أحد، وإلا لكان ما سبق كلامًا إنشائيًّا مداهنًا متميّعًا.
لا يمكن أن يكون الشر خيرًا ولو سميناه. ولا يمكن أن يكون الإذعان إيمانًا ولو سميناه. ولا أن تكون القيود
والاستبداد تحررًا من الطاغوت ولو سميناها. وهذا الذى نراه شر واستبداد وقتل وكذب وغباء، وخرفان، نعم خرفان،
مَسوقة سوقا. هل من احتمال أننا كنا مخطئين طوال حياتنا، وأن يكون رجال الاستبداد الدينى على صواب،
أن يكون هذا هو المسلم، وأن تكون هذه هى الصورة المثالية للمسلم، خروفًا فى قطيع من الخرفان،
وأن مبارك لو أطلق لحيته والتحق بجماعة الإخوان المسلمين -دون أى تغيير-
لصار أقرب إلى نموذج النبى فى الحكم؟!