شهرزاد
صاحبة المنتدى
الساعة الآن :
عدد المساهمات : 4759 تاريخ التسجيل : 15/09/2012 الموقع : منتديات صحبة دراسيه
الأوسمة :
| موضوع: امرأة ضائعة السبت سبتمبر 29, 2012 8:46 pm | |
| أيقظت أبناءها.. أعدت لهم الفطور.. ساعدتهم فى اختيار ملابسهم.. غادرت المنزل لتوصيلهم إلى المدرسة.. قامت بشراء أغراضها.. دخلت المطبخ.. ساعات طوال بين إعداد الطعام وغسل الملابس.. استقبلت أبناءها.. قدَّمت لهم وجبة الغداء.. تابعت واجباتهم الدراسية ومشاكلهم.. سلمتهم إلى فراشهم.. كل هذا لا يُقدر بثمن، بل يحتاج الكثير والكثير من الثناء ..
دخلت غرفتها.. غلّقت الأبواب.. بدأت تتعامل مع الكيبورد.. أصابعها تداعب برامج الشات.. لم يخطر ببالها يوماً أن تسقى زوجها من نفس كأس الخيانة التى دوماً تشرب منه.. سلكت طريق الإنترنت.. خيانة إلكترونية... تسعد نفسها من وراء الشاشة باسم مستعار وخيال متعدد المواقف. عرفت أشخاصا كثيرين. أتقنت لهجات مختلفة. نصبت شباكها.. مرة أميرة من دولة عربية، وأخرى فتاة تبحث عن زواج، وتارة أخرى أرملة محرومة الحنان..
ارتفع مزاجها وازدادت سعادتها.. قابلت شابا فى العقد الثالث من عمره، فى نفس المكان خلف الكيبورد يصغرها بقرابة السنوات العشر. داعبته بكلمات معسولة. بادلها شعورا أكثر عذوبة. أيقنت أنه هو القادر على سعادتها، فزوجها دوماً مشغول بمغامراته النسائية.
دارت أطراف الحديث بينهما تحت الاسم المستعار، كل واحد لا يعرف الآخر، واعدته بالدخول بنفس الاسم عشية كل ليلة بعد العاشرة تقريبا، تقابلا فى نفس الميعاد خلف الشاشة، كل يصف نفسه للآخر. ازدادت العلاقة.. ظن كل منهما أنه وجد ضالته فى عالم الفضاء الإلكترونى، طلب منها رقم هاتفها المحمول ترددت لم تعطه له، ازداد هو لهفة وشغفا.. تعلق بها أكثر، قام بكتابة رقمه على الشاشة، انهالت عليه بكلمات ليست برقيقة، وواعدته أنها لا تتصل ولا يربطها به سوى العالم الافتراضى.
انتهى اللقاء وقامت بغلق الكمبيوتر وأغلقت الأضواء. ظهرت غرفتها بلونها الجميل وعطرها الفواح. ظلت تفكر، تنظر لأعلى سقف الغرفة لا ترى غير ضوء خافت، خيالها يحدثها هذا ما أبحث عنه، هذا هو مفتاح السعادة، كيف يخوننى زوجى مع نساء أقل منى رقة وأنوثة واكتفى باسم مستعار خلف شاشة كمبيوتر. بدأت تتعامل مع هاتفها المحمول استرجعت رقم الهاتف الذى قامت بتخزينه. ترددت ثم ازدادت شغفا، فهذا الفعل لم يكن يخطر ببالها من قبل، هل هذه هى السعادة، تقوم بتجربة حب آخر ذى طعم مختلف بحلوه ومره. راودتها الفكرة وهى ممتدة على سريرها ترافقها الوحدة. عزمت على أن تعاود الاتصال، وإذا بصوت شاب عذب الألفاظ، رقيق الكلمات، عرفته بنفسها، سمعت رنين مفاتيح وحركات بداخل شقتها، أيقنت أن زوجها عاد إلى المنزل ، أغلقت الهاتف مسرعة، دخل عليها معتدل المزاج، صافى الذهن، مبسوط المشاعر، رائحة عطر النساء تفوح من معطفه، أخذ يبدل ملابسه وجدها لا تزال مستيقظة، بادلها كلمات قلائل عن حال الأولاد والمدارس، ودون أدنى اهتمام أعطاها ظهره كعادته. حاولت أن تنام، ساعات معدودات رن جرس المنبه، أيقظت الأبناء.. أعدت الطعام، حلقة يوميا تدور فيها.. مر اليوم إلى أن أتى الليل، غلّقت أبواب غرفتها، وفتحت هاتفها المحمول. عاودت الاتصال.. حديث الليلة أعمق من سابقه، كلمات أكثر حنينا.
بين عشية وضحاها أعلنت له حبها، واعترفت بأنها فى حاجة شديدة لشخص يحتويها، سردت له مشاكلها مع زوجها، بادلها الحديث عن نفسه، فهو ليس متزوجاً، شاب يعيش بمفرده وحيداً لا يملك صداقة سوى جهاز كمبيوتر، وبعض برامج الشات، ذكر كل مشاكله، ولكن تعمد ألا يذكر موقفاً محدداً مؤلماً، كلما تذكره انتابته حالة من الفزع. كلماتها الحنونة وضحكاتها الرنانة تخرجه من ماضٍ مرير ملىء بالمشاكل، يوما بعد الآخر اتفق أن يتقابلا عند سفح الهرم وقت الغروب، ركب معها سيارتها الفارهة، كانت فرحة جداً بهذا الشاب، فهو بمثابة سعادتها المفقودة، نسجت خيوط الحب، أحبته من كل قلبها، أهملت زوجها وأولادها، كل يوم مقابلات وليلا مكالمات هاتفية، تظهر منها همهمات وأنين وآهات، تأكدت أنها لا تسطيع العيش بدونه ، أقنعته أن يزورها فى منزلها، رفض الفكرة ثم تردد قليلا، وافق إرضاء لحبها فى نفس الميعاد، بعد دقات الساعة العاشرة وفى نوم وسبات أولادها وعربدة زوجها، فى ضوء خافت، شموع وورود كأنه استعداد لعرس جديد، ارتمت بين أحضانه، بدأت تقبله بلهفة واشتياق، وجدت ضالتها فى رجل يحتويها، ضمته إليها، احتضنها، تذكر الموقف الذى يؤلمه دائما.. أمه فى أحضان رجل، اتسعت عيناه، لم يرَ سوى سكينة لامعة إهداء لأمه. :affraid:
| |
|