كل الأحزاب تسعى للسلطة. ليست تلك جريمة. فما الفرق بين حزب ديمقراطى وآخر استبدادى؟
لماذا نصف حزبا معينا بأنه «بتوع سلطة»؟ لماذا ننتقدهم على ذلك؟
الإجابة ببساطة أننا لا نرتاح لمن «يقيف» السلطة على مقاسه. لا نرتاح لمن يرفع فى المعارضة شعارات،
ثم ينكسها حين يصل إلى السلطة. لا نرتاح لمن يخاطبنا بوجه، ويخاطب آخرين بوجه آخر.
وهذا ما نسميه «ساعيا إلى السلطة». أى ساعيا إلى التحكم فى الناس وليس وضع قواعد للمنافسة.
المقصود بها أنه لا يؤمن -حقيقة- بهذه المبادئ التى يرفعها. بل يضحك علينا لكى يصل إلى السلطة،
ثم يكون «سلطة» أسوأ من السلطة التى انقلب عليها. باختصار.
الفقرة اللى فاتت هى تعريف الإسلامجية، السياسيين الذين يسعون إلى السلطة باسم الإسلام،
ويسعون للانفراد بالسلطة باسم الإسلام. ويسعون للانفراد بالقضاء باسم الإسلام.
ويسعون للانفراد بالإعلام باسم الإسلام. وكل من يختلف معهم كافر.. وبالله عليك،
لا تلتفتى إلى ما يقولونه على شاشات الإعلام العام، بل التفتى إلى ما يقولونه فى أحاديثهم إلى جمهورهم.
وركزى على «وجوههم الأخرى». كل هذا يريدون أن يحصلوا عليه، فى رحلة ممتدة.
يبدو أن الشعب المصرى سأل نفسه: من أين بدأت هذه الرحلة؟
ويبدو أنه توصل إلى الإجابة الصحيحة: نعم. بدأت من منابر المساجد.
لذلك فإن ما حدث يوم الجمعة من حوادث إنزال الأئمة الذين يروجون لسياسات معينة
من فوق المنابر بالغ الدلالة. يشبه تماما معاملة الحليمة الغاضبة لمن خانتها.
يشبه استرداد المعار حين تكتشفين أن من أحسنت إليه كان يدبر لك بليل، ويتآمر عليك بنهار.
المجتمع المصرى بالغ فى كرمه حين ترك المساجد الأهلية، والمساجد التى أنفق على بنائها
من ضرائب المصريين، تحت أيدى الإسلامجية. فى نوع من التواطؤ الضمنى معهم،
ضد ما كان يعده ظلما من نظام مبارك لأناس «طيبين وبتوع ربنا». ومعنى أن يصل إلى درجة إنزال
نفس هؤلاء الناس من على المنابر أنه قد فاض به الكيل. وقد أدرك الحقيقة.
والأهم الأهم، أنه أخذ ناصية أمره بيده. وأدرك أن الدولة لم تعد دولة محايدة
تنفذ القانون وتمنع الإسلامجية من احتكار كل شىء. بل هى دولتهم بأكثر ما كانت دولة مبارك.
لأن مبارك استأثر بالدولة، وترك للإسلامجية المساجد. فكان المهذبون من الشعب المصرى
يعتبرون أن مزاحمتهم فى المساجد إعانة لنظام مبارك عليهم. أما هم فيملكون الإعلام الرسمى
ويحاصرون الإعلام الخاص. ويملكون السلطة التنفيذية والتشريعية ويحاصرون السلطة القضائية.
فهل نتركهم أيضا يمتلكون المساجد ومنها يكفرون المعارضة المجردة من كل شىء،
من كل وسيلة قوة. لقد فاض الكيل. لقد فاض الكيل.
ثم إن هناك شعورا متزايدا لدى المسلمين المتدينين بأن الإسلامجية يسيئون إلى الدين نفسه،
يغطون به أنفسهم ويتركونه عاريا. وباسمه يروجون الأكاذيب من فوق المنابر.
وهذا يشبه تماما أن تتصدقى بجنيه لمحتاج، ثم ترينه يشترى به مخدرات.
مع تجنب العنف الأهلى بقدر الإمكان، يجب أن يقف المسلمون للدفاع عما يؤمنون به، ضد من يتاجرون فيه.
وإلا سترتبط عقيدة الإسلام وسط الناس بالكذب والاستبداد والظلم والتلون وخيانة العهد.
والناس حين ترى ذلك بأعينها لن تصدق أى كلام مزين يقال بعكس الواقع. ولو ترك الحبل على الغارب،
فلن يتوقف هؤلاء السوقة الكذابون عن استخدام الدين والمصحف،
كما فعل أجدادهم، مبررا لقمع الآخرين وإسكاتهم.
تذكروا أن هؤلاء كانوا يدعون الناس لتغيير المنكر بيدهم، لكنهم الآن لا يقبلون أن ينكر أحد المصلين
على إمام مسجد التدليس، ب
ه، بالكلمة أمام الكلمة. فكيف هذا؟ كيف تمدحون من يقول كلمة حق عند سلطان جائر،
ولا تسمحون لكلمة حق أن تُقال عند إمام مدلس. الشعب المصرى يثبت الآن أنه ينضج،
وأنه مصمم على تنظيف المواسير كلها وصولا إلى الماسورة الأم.
ومصمم على فضح شيوخ الفتنة وملاحقتهم. فباركى ما يفعله!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]