تلك هى القضية.. تكليف أم تفويض؟ وردت عبارة أرى أنها تلخص الدوامة التى نعيشها منذ فوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية،
وردت على
كاتبنا الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل فى حديثه مع الإعلامية لميس الحديدى
رداً على سؤال لها بأن الرئيس مرسى مكلف وليس مفوضاً.. وبوّن شاسع بين الحالتين..
وأتمنى أن يعى الدكتور مرسى وجماعته وأنصاره من تيارات الإسلام السياسى أهمية التفريق بين كون أغلبية قد كلفته بإدارة شئون الوطن وعلى ضوء تصريحاته ووعوده وعهوده، وبكونها لم تعطه تفويضاً يتصرف بموجبه، وفق رؤيته هو ورؤية جماعته وأنصاره وبرنامجهم.. ويبدو أن النظام الحالى لم يحاول أن يتأمل ولو للحظات انسحاب العديد من مستشاريه
وإعلان عدد من المثقفين والكتاب والإعلاميين ندمهم على انتخاب الدكتور مرسى أو الدعوة لانتخابه،
فالدكتور مرسى يتخذ إجراءات تشى بالسير فى طريق تقويض الدولة لحماية مصالح جماعته..
وهو قد أشار فى حديث للصحف الأجنبية مبرراً قراراته ضد المحكمة الدستورية
وضد النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وتعيين نائب آخر بالمخالفة لمبدأ اختياره من بين ثلاثة
يرشحهم القضاء للمنصب لأنه اشتم رائحة النية فى حل الجمعية التأسيسية التى أخرجت مسودة دستور
أشاعت قلق ملايين المصريين وأبدى تحفظه عليها حتى بعض قيادات شديدة القرب من الدكتور مرسى.
تكليف المصريين للرجل لم يكن على الإطلاق للقيام بالفتح الثانى للإسلام ولا لفرز المواطنين
بين مؤمن وكافر أو بين مسلم ومسيحى ولا شك أن الذين كلفوا الدكتور مرسى والذين تمنوا أن يكون
كما وعد رئيسا لكل المصريين بدأت الشكوك تساورهم فى نوايا هذا الحكم الذى يجاهر بعض من كبار قياداته
بأن نسبة 60٪ من متظاهرى الاتحادية «نصارى!» أى مسيحيين أو أقباطا، بينما تكشف أجهزة الرصد
عند آخر أنها 80٪ وغير ذلك كثير فيما يلتزم الرئيس المكلف وليس المفوض صمتا غريباً
ولا تصدر عنه إدانة ولو حانية لردع جماعته عن استخدام الورقة الطائفية البغيضة التى لا يريد هؤلاء
أن يفهموا أنها باتت ورقة محروقة، لم تصدر عن الدكتور مرسى كلمة واحدة عن حصار أعلى رمز قضائى فى البلاد،
ولو من «باب العتب» وتقديم دليل حسن نية للعالم الخارجى، كما التزم الدكتور مرسى صمتاً مماثلاً
حيال حصار مدينة الإنتاج الإعلامى والتهديدات بساعة الصفر تارة وبالاستعداد لتقديم ملايين الشهداء
تارة أخرى وهو ما يعطى كما لا يخفى على أحد شعوراً بالأمان، وترسيخاً لقيم الديمقراطية باحترام الرأى الآخر
الذى لولاه مثلاً ما عاد الدكتور مرسى عن إعلان الدستور الأول ولو شكلياً.. لم نسمع كلمة عن مؤسسة الرئاسة
حول كلام الشيخ القرضاوى حول العشرين مليار دولار التى تضعها قطر على مائدة الحكم إذا جاءت
نتيجة الاستفتاء بنعم!! لن أسأل كذلك عن رفع الأعلام السعودية وأعلام القاعدة فى مليونيات الإخوان وأنصارهم..
لكن من حقى أن أذكر الجميع بأن الرئيس مكلف وليس مفوضاً!!