على الرغم من أن معركة الدستور ما زالت مشتعلة، فإن ثمة قضية أخرى مهمة، تتعلق بتعيين رئيس الجمهورية
لتسعين عضوا فى مجلس الشورى، أى ثلث أعضاء المجلس، الذى ستنقل إليه سلطة التشريع كاملة
حتى انعقاد مجلس النواب، وذلك طبقا للدستور الجديد.
وثمة من لا يعارضون حكم الرئيس مرسى وجماعته فحسب، وإنما يعملون على إسقاط الرئيس المنتخَب،
وهؤلاء يرفضون بشكل قاطع أى نوع من أشكال التفاهم مع من يحكمون البلد،
ولذلك يرفضون تماما فكرة المشاركة فى مجلس الشورى!
وهناك من يعترضون على وجود مجلس الشورى ذاته، ويصرون على رفض التعيين
فى مجلس عديم الفائدة من وجهة نظرهم، ولكنى اختلف مع هؤلاء جميعا، وأرى أننا فى أشد الحاجة
إلى دراسة ومراجعة كل قانون يصدر، وكذلك نحتاج إلى كل الجهات الرقابية
التى يمكن أن تسهم فى تنظيف البلد من الفساد المتفشى فى كل مكان على أرض المحروسة.
إن مجلس الشورى الحالى تم انتخابه بنسبة ضئيلة جدا (7%) من الناخبين،
كما أنه يتكون من تيار سياسى واحد فقط، ومن ثم لا بد أن يكون جميع المعينين فى المجلس
من القوى السياسية الأخرى، ومن السيدات المؤهَّلات، وكذلك من قوى الثورة، والمستقلين،
والشخصيات العامة من العلماء والمثقفين والقانونيين والخبراء، وممثلين عن الكنائس القبطية الثلاث،
بالإضافة إلى ممثلين عن شتى طوائف المجتمع، ليتكون مجلس متوازن يعبِّر عن الروح المصرية الحقيقية.
وقد أعلنت جبهة الإنقاذ الوطنى -للأسف الشديد- رفضها ترشيح أسماء لرئاسة الجمهورية،
لتعيينهم فى مجلس الشورى، وهذا تصرف خاطئ تماما، وقد برره عبد الفتاح شكر بقوله:
«إن التيار الإسلامى مسيطر سيطرة كبيرة على مجلس الشورى حتى بعد تعيين تسعين عضوا من القوى المدنية،
وهذا هو سبب عدم مشاركتنا فى هذا المجلس»، موضحا أن «أحزاب الإنقاذ الوطنى
سيكون سبيلها لمواجهة أى قوانين إخوانية (إسلامية)،
هو حشد الشعب لمواجهتها كما يحدث الآن مع الدستور».
والحقيقة أن هذا المنطق متهافت للغاية، إذ إن وجود القوى المدنية فى مجلس يمتلك سلطة التشريع
فى هذا الوقت العصيب، أمر فى غاية الأهمية، فربما يحولون دون صدور تشريعات تضر بمجتمعنا،
وقد يشاركون أيضا فى إصدار تشريعات مفيدة. أما فكرة نقل كل معاركنا السياسية إلى الشارع،
فهى فكرة شديدة الخطورة، فثمة أمور كثيرة يجب أن يتم حلها على موائد المفاوضات،
أو فى المجالس التشريعية، أو فى الاجتماعات السياسية، فهذه هى أرض المعارك السياسية،
وليس الشارع الجريح، فدماء الشهداء والمصابين لم تجفّ بعد، وعلى النخب السياسية أن تُدرِك
أن دورها هو حل المشكلات بالحكمة والعقل والمرونة، لا بتصدير المشكلات إلى جماهير تعانى أشد المعاناة!
والآن على الرئيس مرسى ونائبه ومؤسسة الرئاسة أن يتحملوا مسؤوليتهم،
ويصمدوا أمام ضغوط جماعة الإخوان وحلفائها،
ولا يعينوا أحدا منهم فى مجلس الشورى، من أجل مصلحة الوطن العليا.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]