شهداء الحب.. وشهداء الكراهية24/12/2012 منى ثابت اكتشفت بعد أكثر من ثلاثين سنة أن جارى العزيز جدا، متعاطف مع الإخوان،
أو ربما ينتمى إليهم لكن دون لحية.. سبب المفاجأة أنى لم ألاحظ فيه شبهة تعصب دينى،
بالعكس حياة أسرته اليومية تشبهنا جدا.. الفارق أنهم يذهبون إلى الجامع ونحن للكنيسة..
بيننا مودة وعشرة ومحبة وصداقة، وهو نموذج للجار الصالح الوفى الشهم.. وجوده بجوارنا
يمنحنا إحساسا مريحا بالأمان والهدوء.. وكلما التقينا نستعيد ذكريات صداقة أولادنا، ميلادهم،
طفولتهم، مراهقتهم، ويوم اكتشافنا أنهم فاقونا طولا.. وفرحتنا الآن بهم أصدقاء وعونا على الحياة..
والآن منحونا بالأحفاد عمرا جديدا أحلى.. وكأن حديقتنا أثمرت زهورا جديدة تشبهنا أبدعها الخالق..
ومنحنا فرحة تأمل جمال نقائها، ونموها التدريجى المذهل من مخلوق مغمض العينين يتلمس الأم
من رائحة حضنها ودفء أنفاسها فيتغذى من روحها قبل لبنها.. إلى لحظة الرؤية الواضحة لملامح الأم
والضوء والشمس والهواء والكائنات.. كل طفل هو رسالة مجسمة من الله للبشر.. رسالة محبة..
لكن كل رسالة تحتاج إلى إنسان تعلم القراءة والتفكير والفهم والحب ليرد على الرسالة،
ويحفظ أسرارها، ويفك ألغازها.. ويستنبط الحكمة من إرسالها.. ويرعاها كثمرة على أغصان شجرة الحياة..
نحكى وجارى طرائف أحفادنا ونكررها بفرح ونغلق أبوابنا.. لكن قبل الاستفتاء على مسودة الدستور
فاجأنى جارى العزيز بأنه طبعا سيقول «نعم».. للاستقرار.. ولكى ينهى الجدل بيننا
قال «انتو بتكرهوا الإخوان».. نفيت حالة الكراهية وأغلقنا أبوابنا وأنا مندهشة ولست غاضبة.
وأكتب الآن لأؤكد أننا لا نكره الإخوان، إنما لا نحب سلوكهم العدائى الانتقامى المزدوج بعد الثورة
التى اختطفوها.. ونشعر بالحزن على مصر والغربة فيها.. وعدت أعيد قراءة تاريخهم الحالى والقريب والبعيد
ربما أفهم لماذا اختلفت وجارى.. كنا كلنا تقبلنا وجودهم الأخير فى كل مواقع السلطة، رغم أنهم اغتصبوها
ليس لكفاءتهم إنما بقرارات فردية من رئيس الجمهورية الذى انتخبوه تنفيذا لأوامر مرشد الجماعة..
وصمتنا فى انتظار تحقيق برامج الإصلاح التى وعدوا بها وصدقها من انتخبوهم.. فخذلونا..
وحلوا مفاصل الدولة، وأفلسوها، وتسلحوا لخوض حرب أهلية بدؤوها بحروب الشوارع فى الاتحادية
والتحرير والقائد إبراهيم بالإسكندرية بقيادة اللواء حازم أبو إسماعيل وميليشياته.. قناصتهم تغتال برصاص حى
كل معارض لأطماعهم، كاشف لكذبهم وعجزهم.. قسموا فى مخططهم محافظات الوطن إلى مدن تخضع لشريعتهم
ومدن تجمع للكفار!.. بدأنا نخشاهم بعد وحشية قتل السادات بخيانة من جيشه الذى ذهب يحتفل معه بذكرى انتصارهم
وفخرهم باستعادة سيناء.. وزادت مخاوفنا مما يحدث فى تونس التى أشعل ثورتها مواطن حرق نفسه يأسا
من ظلم وفساد الحاكم فانقض الإخوان على ثورة الشعب، ومزقوا تونس بالفوضى والرصاص
والغلاء والإرهاب واغتيال المعارضين.. وتأكدت مخاوفنا منهم بعدما تمكنوا من حكم مصر وقدموا مسودة دستور
تمنح الحاكم سلطة منح الحياة لمطيعيه ومريديه فقط.. وأخرسوا إعلامها.. وهجم علينا حشود متأسلمون
مصريون لا يشبهوننا شكلا أو لغة أو ثقافة أو أحلاما.. متوحشون فى انتقامهم وغزوهم، يستشهدون
لحماية الحاكم وليس الوطن.. ينفذون خطة تحويل مصر إلى جزء من إمارة إسلامية متحدة فى شمال إفريقيا
(مصر - ليبيا - تونس).. أمير مؤمنيها هو الأمير حمد بن خليفة آل ثانى وولى عهده الشيخ تميم..
الإخوان هم جنود الشيخ حمد فى مصر، وهو ممولهم بالمال والسلاح والمرتزقة إذا احتاجت مسيراتهم
إلى مزيد من الحشود والتسليح.. وكما أقام الأمير حمد قاعدة عسكرية قطرية فى ليبيا،
وضخ ملايين الدولارات تحت مسمى مساعدات لإنجاح ثورة ليبيا.. رأيناه يفعل ذلك فى مصر..
يشترى البنوك والفنادق والفضائيات ويمول جمعيات شراء العبيد من الفقراء.. ويحاول شراء قناة السويس
وميناء السخنة.. ويسهم بمليارين فى بيع سيناء.. وما خفى كان أعظم..
هذا الأمير سيخصص له التاريخ فصلا فى قسم حكام أفقدتهم السلطة ملامح البشر.
وعدت لكتاب «سر المعبد» للمحامى الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى.. أستعيد عبارات إدانته الجماعة
كجماعة إرهابية وليست دعوية.. جماعة نصفها سرى يتخفى ويخدع ويتسلل فى حياتنا فى كل مكان
ليتلصص وينقل أخبارنا للجماعة ويدس سموما بيننا.. جماعة تكذب وتخون وتتجسس وتنافق لتصل إلى الحكم
ثم التمكين بالقوة والقتل.. وتقسم بالولاء لشخص وليس لله.. ومن ينشق عنها يستباح دمه..
جماعة جموع أفرادها الفقراء، أو الضعفاء، أو الجهلاء فكرا وعلما، مخدوعين منقادين لقوة كاذبة،
وحلم مستحيل وهو أن تتحول مصر إلى إمارة إسلامية تطبق شريعة من تفسير وتأليف وإخراج أشخاص
لم يفهموا ولا كلمة فى القرآن.. ولم يمارسوا سلوك حياة المسلم كما أمر بها الدين الإسلامى..
ويخضعون لحاكم إمارة حجمها أصغر من مجمع التحرير.. قد الكف وبفلوسها تقتل شعوب وتدمر دول.
واكتشفت أنى ما زلت أعتز بجارى.. جار العمر الجميل بشجونه وأفراحه..
وتضاعفت ثقتى بالله وحده فى حماية مصر.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]