الوقت ثمين حتى الانتخابات البرلمانية28/12/2012 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الاحتكام إلى صندوق الانتخابات حتمى، فهو عامل أساسى لإقامة الديمقراطية التى خرجت لها ثورة 25 يناير،
ولذلك فالتمكن من مهارات الفوز بالصندوق واجب على من يتبنى أفكار الثورة
ويسعى لتحقيق مصالح الشعب، وقد يكون الاعتراف بنقص هذه المهارات فى حالتنا أهم شروط تطويرها.
ولما كانت الانتخابات لدينا تتعرض للتزوير المنظم من فئات لا تكترث إلا بفوزها حتى إذا
كان على حساب تأصيل القواعد، فهذا يلقى بالعبء على أبناء الثورة ودعاة الديمقراطية الأصلاء
أن يكبحوا هذه الانتهاكات وأن يتصدوا لها وأن يحبطوها فى مهدها أو أن يبطلوا نتائجها
إذا تمكن المزورون من تمريرها. ولن يتمكن الثوريون من هذا
إلا بعد أن يتعلموا كيف تقع هذه الانتهاكات وكيف يواجهونها.
وهناك أمية قطاعات كبيرة من الناخبين والفقر المدقع الذى يضرب معظمهم،
وقد أفلح الإخوان المسلمون وحلفاؤهم فى اختراق صفوفهم والسيطرة على جيوب عظيمة منهم
جعلوها كتلاً تصويتية لصالحهم تتحرك معاً وتصطف فى طوابير التصويت
لتدعم الرأى الذى يريده الإسلاميون، وهو ما يجب أن يجد له الثوريون سبلاً للعلاج.
ثم، هناك استخدام الدين فى السياسة وخلط هذا بذاك، استغلالاً للتدين الأصيل لدى عموم الناس
ونفورهم ممن يزدرى الدين، وهو ما يلعب به المدلسون لتصب
النتائج الأخيرة لصالحهم فى صندوق الانتخابات بالخصم من رصيد مؤيديهم.
ومن الغرائب أن هذا الخصم من رصيد المؤيدين يتبرع به مجاناً بعض من ينتمون للثورة
عندما ينادون بمقاطعة الانتخابات والاستفتاءات وينجحون فى حثّ الكثيرين
على تلبية نداء المقاطعة، فيحققون هدف الطرف الأخر
مع إعفائه من بذل الجهود التى يقومون هم بها لصالحه.
ذلك لأن النتائج المستخلصة من الانتخابات والاستفتاءات التى شهدتها البلاد منذ ما بعد ثورة يناير،
تؤكد أن الإسلاميين يحشدون كل طاقتهم التصويتية، من قواعدهم وكوادرهم
والجماهير المتعاطفة معهم، بمعنى أن أى إقبال زائد لن يكون فى الأغلب الأعم ممن يصوِّت لصالحهم.
وبرغم أن الثوريين لم يخوضوا بعد تجربة انتخابات أو استفتاءات يحشدون لها بما يتكافأ مع
حماس الجماهير وقدرتها على التضحية، وبرغم أن الدعوة للمشاركة فى الاستفتاء الأخير
جاءت قبل الموعد بثلاثة أيام فقط، فقد خسر الإسلاميون نحو 15 بالمئة مما حصلوا عليه فى
استفتاء 19 مارس 2011، ليس بسبب تصويت الثوريين ولكن بعد أن انفضت قطاعات كبيرة من الجماهير
التى اكتشفت زيف دعاية الإخوان وحلفائهم. فماذا لو كان الثوريون روجوا لضرورة المشاركة
بالرفض قبلها بوقت كافٍ؟ وماذا كان سيحدث إذا تمكنوا
من وقف الانتهاكات التى سادت عمليات التصويت وما قبلها؟!
نموذج واحد فقط من الانتهاكات انتشرت الشكوى منه بشدة فى الاستفتاء الأخير، بما يثبت أن الإسلاميين
يخشون من الإقبال الزائد على التصويت، وهو ما أكدته اللقطات التليفزيونية التى تسجل تعمد
وقوف بعض أفراد الكوادر النشطة للإسلاميين فى الطوابير مرة أخرى بعد إدلائهم بأصواتهم
لإعاقة من خلفهم عن التصويت، خاصة فى الريف حيث يعرفون من سيصوت بماذا!
كل هذا، ومثله كثير، يدخل فى باب الخصوصيات المصرية التى قد لا يوجد لها حلول جاهزة
يمكن نقلها حرفياً من تجارب أخرى مهما تقاربت ظروفهم معنا. ولن يعدم الثوريون حلولاً نابعة من واقعنا،
ولن يعجزوا عن تدريب ملايين الشباب المتحمسين على أن تتحول طاقتهم الرائعة فى حشد المليونيات
التى يملأون بها ميادين مصر إلى أن تصب جهودهم فى حملات انتخابية تغطى عموم البلاد،
إضافة إلى التصدى للتزوير وللانتهاكات الأخرى التى لا يستطيع الإسلاميون الفوز إلا بها.
الحشود المليونية فى ميادين عموم البلاد صورة رائعة نجحت فى الإطاحة بمبارك لأنها جذبت الجماهير
إلى اتخاذ موقف واحد ضد غرض واحد واضح يعرفونه ويبحثون عمن يشجعهم لإشهار موقفهم ضده
فكانت هذه المليونيات خير أداة، وأما فى الاستفتاءات والانتخابات بأنواعها فللإقناع سبل أخرى،
ولنعترف أن الثورة لم تطور مهاراتها فى هذا المجال بعد، برغم أن نتائج الاستفتاء الأخير تؤكد،
فى الأغلب الأعم، على أن الحضر بطول البلاد صوّت برفض الدستور، وإذا كان شباب
هذه المدن تحركوا فى أريافهم بشكل مدروس فعّال لإقناع الجماهير بمخاطر الدستور على حياتهم
وعلى مصالحهم لنجحوا إلى حد كبير فى تغيير النتائج،
وهو ما ينبغى أن يحدث فى الانتخابات البرلمانية الآتية وما يتبعها من انتخابات أخرى.
على قوى الثورة من الآن وحتى الانتخابات البرلمانية أن تعمل بشكل علمى مدروس
وجاد على تدريب جيش من الشباب وفق الدروس المستفادة من التجارب الانتخابية السابقة،
وفق التطلع للفوز فى الانتخابات، وسوف يساعد على إقناع الجماهير استمرار فشل الإسلاميين فى حُكمهم،
وزيادة معاناة الناس التى من المتوقع أن تتفاقم خلال هذه الفترة، والتخبط الذى يقع فيه الدكتور مرسى
ومساعدوه فى اتخاذ القرارات ثم العدول عنها أو التمسك بها على خطئها، ثم هناك هذا التضارب
والاضطراب والتنازع على ممارسة صلاحيات مؤسسة الرئاسة مع من هو خارجها رسمياً،
ولن يجدى نفعاً الكذب على الجماهير بقدوم القافلة أمام التقديرات التى يقرأها الناس ويسمعونها
ويرونها صادرة عن منظمات دولية تدق نواقيس الخطر
أن هذا النظام وسياساته تدفع البلاد لهاوية الخراب والإفلاس.
ولا يخيفك أنه بحساب أدوات القوة يبدو أن الإخوان المسلمين وحلفاءهم كما لو كانوا
أقوى بما لا يُقارَن من نظام مبارك، ولكن هذا ما يلوح للناظر من أول وهلة، لأن شواهد الواقع
على الأرض تؤكد أنهم أضعف بكثير، فالشعب الخامل الذى كان يتحكم فيه مبارك ويُذلّ كبرياءه
أفاق من غفوته آخر الفيلم وأنهى العرض بيده، ولم يعد مع حكم الإسلاميين إلى سابق عهده،
بل أثبتت وتثبت طليعته الشبابية والمثقفة كل يوم مزيداً من اليقظة، وصارت تنضم أجيال جديدة
إلى الركب ترفده بمدد لم يكن يتوقعه أحد، وكان من نتائج ذلك أن الإخوان ومن معهم
باتوا يفقدون الاعصاب ويرتكبون عنفاً يتجاوز أحياناً ما كان يقترفه زبانية مبارك.
وبسبب الحماسة الزائدة ولهفة الإخوان على الإسراع بتنفيذ مخطط أخونة البلاد،
وقعوا فى السهو عن مهمتهم الأساسية كحكام فى القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم تجاه الشعب
الذى صاروا مسؤولين عن توفير أمنه وتسهيل معاشه وخلق فرص لعمل أبنائه وإدارة مهام
انتاج الطعام والشراب وإقامة خدمات التعليم والصحة والمرور، وبذل كل الطاقة فى سبيل
تنفيذ مطالب ثورة يناير التى جاءوا إلى الحكم بفضلها، كما أنهم لم ينالوا ثقة الشعب
بأن يحكموا إلا بعد أن صدَّق الشعب وعودهم بالالتزام بها.
وقد يكون أعجب ما فى وضع الإخوان الآن أنهم لم يستوعبوا تماماً أنهم فى الحكم،
لذلك تراهم يُطلقون المظاهرات تصخب كما كانوا يفعلون فى ماضيهم بالمطالبة بكذا وكذا،
وتأخذهم الغفلة عن أن الأصل هو أن الهتافات تتوجه إلى الحكام! أى إلى أنفسهم؟؟
المصدر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]