أم أن القدر له خيارات أخرى؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عندما نطلق لأمانينا العنان نراها تحلق فى خيالنا كفراشة جميلة. أما أن تهبط إلى أرض الواقع
فذلك هو المحال وإذا ما هبطت أمنيتك وتحققت فأنت إذاً قديس أو صوفى أو عاشق..
عرفتها قبل أن أراها ماثلة أمامى حين دعتنى عبر الهاتف بصوت عذب كصوت "فيروز"؛
لحضور حفل خطوبة إحدى صديقاتها. فى البداية ترددت فى قبول الدعوة لكن ذهب عنى التردد
واخترت جانب القبول فأنا أول مرة سأراها وسأتعرف عليها حقيقة واقعة أمامى لا من خلال
حروف الكيبوورد. عندما وقفت بين يديها وجدت كأنى أقف بين حورية هبطت من الجنة فى انتظارى.
"مـونـى".. هكذا طلبت منى أن أناديها. عندما تتحدث إليها لا تشعر أنها طبيبة مثل العديد من الطبيبات
اللائى يتعالين على من حولهن لحصولهن فى الثانوية العامة على أعلى الدرجات نتيجة
حفظهن للمنهج لا لذكائهن أو إبداعهن . "مونى" ليست طبيبة تعالج فقط ما يصيب الأسنان
من أعطاب. بل يأخذك الهيام بها إلى كونها ملاك هبطت من السماء ملتحفة فى محرابها
بروح العارفة بالله "رابعة العدوية" كى تداوى أدواء قلوب العاشقين. حين ظهرت فى القاعة أبهرت
الحضور وتألقت فى وسط الحشد وتربعت على عرش الحسناوات . تارة يتصورها الحاضرون
فينوس إله الحب والجمال لدى الرومان وحين يعيدون النظر إليها تارة أخرى يرون فيها
أفروديت إله الحب والجمال لدى اليونان. ترتدى فستانا كلون الشفق ساعة الغروب.
ترتديه على بشرة بيضاء نقية صافية كقلوب المتصوفة المبحرين والهائمين فى ملكوت الله.
تمتلك ساقين جميلتين وتبدو بحذائها الأحمر ذى الكعب العالى كعارضة الأزياء العالمية "كلوديا شيفر" .
تتنقل هنا وهناك بين المدعوين كالفراشة التى تحلق فوق الأزهار. فتزداد تألقا على تألقها
على حساب من أقيم الحفل من أجلهما وعندما تقف تجد العيون شاخصة لها وحين تتهادى
فى فستانها تخطف أفئدة الجميع. كلما نظرت للمدعوين رأيت عيونهم تنظر لكلينا
بالحسد تارة وتارات أخرى بالإعجاب والانبهار خاصة حين تقترب شفاهها الرقيقة الحمراء
حُمرة حبات الفراولة من أذنى ونحن نتجاذب أطراف الحديث . وجدت نفسى فى موقف لا أحسد عليه
فالعيون كلها مصوبة لنا ونحن جا
معا . وكأن حال
هم يتساءل من ذاك الشاب
الذى اصطفاه القدر بالجلوس فى معيتها ؟! . وهى ذاهبة كى تلقى التهنئة لصديقتها تراها
تسير فى ثقة عالية وكأنها نجمة من نجمات هوليوود تمشى على السجادة الحمراء لاستلام
جائزتها فى مهرجان "كان" . كان موقفا صعبا بالنسبة لى فهى المرة الأولى التى أجلس فيها
مع امرأة تمتلك كل مفردات الأنوثة الطاغية من رقة وجمال وعذوبة وأناقة ومشاعر فياضة.
تفوح منها رائحة عطر ذكية يبدو أنها جدّت فى طلبها خصيصا من أرقى محلات العطور بباريس.
وعندما تشعر بحالة الخجل الذى ينتابنى بدونها وأنا جالس بمفردى على الطاولة تأتى
إلى مسرعة معتذرة عن ابتعادها عنى تلك اللحظات ومبتسمة مظهرة بذلك عقدا من اللآلئ .
لا أنكر أننى قد ذبت فيها هياما وتلبستنى روحها وشعرت أن القاعة كلها خاوية
من المدعوين سوانا . لدرجة أننى حدثت نفسى ترى أى كلمات غير "علمنى حبك" كان
سيصوغها نزار قبانى لو كان جالسا معها الآن ؟. و هل كان كعب بن زهير سيغير مطلع
قصيدته "بانت سعاد" إلى "بانت مونـــى" لو كان هو الأخر جالسا معها ؟!.
و هل كان "بيكاسو" سيمسك فرشاه ليرسم لنا لوحة أعظم من لوحته "رأس امرأة"
لو كان بصحبتها الآن ؟. لا أستطيع أن أصف لكم كيف أراها فطلاتها كثيرة متعددة فمرة أراها ك"
نيكول كيدمان وأنجلينا جولى "فى أناقتها وتارة كـ"جوليا روبيرتس" فى رومانسيتها و"كيت وينسلت"
فى براءتها و"نعيمة عاكف" فى دعابتها و"سعاد حسنى" فى شقاوتها و"هند رستم" فى جاذبيتها
و"الموناليـــزا" فى ابتسامتها. فى تلك الليلة أدركت أن حالة الوجد التى أصابتنى هى نفس الحالة
التى أصابت قيس مع ليلى وابن زيدون مع ولّادة بنت المستكفى و عطيل مع ديدمونة
وروميو مع جولييت فى روائع شكسبير.
ودراكولا مع مينا – واداوارد كولن مصاص الدماء النبيل مع ايزابيللا فى رواية الشفق ( Twilight )
ودودى الفايد مع الأميرة ديانا. أصدقكم القول إننى سهرت ليلة ممتعة كليالى ألف ليلة وليلة.
لقد أخذنى التفكير تلك الليلة هل سأستمر إلى الليلة الألف
كما عاش شهريار مع شهر زاد أم أن القدر له خيارات أخرى؟.
عثمان محمود مكاوى