مكر الليل والنهار

مكر الليل والنهار

20/1/2013

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

د . زكى سالم



ثمة من حضروا جلسات الحوار الوطنى التى عُقدت فى القصر الجمهورى، برئاسة نائب الرئيس،

قبل استقالته وبعدها، وبرعاية رئيس الجمهورية، وبعد جلسات عدة، ومناقشات طويلة

استمرت لساعات، تم الاتفاق على بعض النقاط الخاصة بقانون الانتخابات البرلمانية،

لكن رئيس مجلس الشورى، أعلن بمنتهى البساطة أن المجلس هو وحده صاحب السلطة التشريعية،

ولا علاقة لمجلس الشورى بما تم الاتفاق عليه فى جلسات الحوار الوطنى!



ثم زاد الطين بلة، د.ياسر على، المتحدث الرسمى باسم الرئاسة، حين قال: «إن مؤسسة الرئاسة

غير مسؤولة عن قيام مجلس الشورى بتغيير بعض نصوص مشروع قانون الانتخابات البرلمانية،

لأن مجلس الشورى هو فقط صاحب السلطة التشريعية،

وهو الجهة الوحيدة المنوط بها إقرار القانون».



وعندما قيل له، إذن ما فائدة الحوار الذى تم على مدى أسابيع فى قصر الرئاسة،

وبرعاية رئيس الجمهورية شخصيا،

رد قائلا إن الحوار هدف فى حد ذاته لجمع القوى السياسية معا!



ومن العجيب أن هذا الحوار (الهدف فى حد ذاته) ما زال مستمرا، فثمة دعوة موجهة إلى القوى السياسية

للاشتراك فى حوار فى القصر الجمهورى حول المواد المطلوب تعديلها فى الدستور الجديد،

بينما لا يوجد أى التزام حقيقى من الرئيس وحزبه الحاكم بنتائج الحوار السابق!


فما جدوى هذا الحوار؟! إذا حدث -وهو بالتأكيد لن يحدث بمشاركات حقيقية-

وذهب ممثلون عن الأحزاب السياسية إلى جلسات هذا الحوار، وجرت مناقشات طويلة

حول المواد المطلوب تعديلها فى الدستور، وتم الاتفاق فعلا على تعديل بعض المواد،

فما قيمة هذا الاتفاق؟! خصوصا أننا ما زلنا نتذكر عدم التزام الرئيس مرسى ببنود الاتفاق

الذى وقعه بنفسه فى فندق «فيرمونت» مع عدد من ممثلى القوى الوطنية!



إننا نعيش فى حالة سياسية غريبة، منذ بداية الثورة، فثمة نوع عجيب من اللف والدوران،

تمنعنا من السير قدما إلى الأمام، وقد ظن البعض أن السبب فى ذلك هو حكم العسكر،

نظرا إلى جهلهم السياسى وفسادهم الاقتصادى، لكن بعد أن تخلصنا من سيطرة العسكر،

ما زلنا ندور حول أنفسنا، بسبب ممارسات بعض القوى السياسية، وعلى رأسها جماعة الإخوان.



إذ نسرع إلى إجراء الانتخابات البرلمانية، وبعدها الانتخابات الرئاسية قبل أن نكتب دستورا

يعبر عن قيم الثورة ومبادئها، ثم نكتب الدستور ونطرحه للاستفتاء الشعبى

دون أن يتم التوافق عليه، ثم نتحدث عن تعديل مواد فى الدستور الجديد،

بعد ما تم الاستفتاء عليه، ثم نجرى حوارات سياسية لا نلتزم بنتائجها،

ثم ندعو إلى حوارات أخرى!




وهكذا ندور فى دوائر من العبث السياسى، لعل مرجعها الأساسى هو محاولات فريق أو أكثر،

من القوى السياسية أن تلعب دورا سياسيا أكبر بكثير من حجمها الحقيقى،

من خلال ممارسة سياسية تقوم على الخداع السياسى، والكذب، واللف والدوران!



وهذا الذى يحدث كل يوم فى حياتنا السياسية يذكرنا بالآية القرآنية الكريمة:

«ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله». ( فاطر: 43).