غادة عطا تكتب: فن الحياة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] هناك الكثير من الأشياء التى نمارسها فى حياتنا بحكم العادة والطبيعة، كالدراسة والعمل والزواج
وتربية الأبناء، كلنا نعيش الحياة بكل ما يتخللها من أوقات مرح وبهجة وأوقات حزن وألم،
ولحظات قوة وكفاح ولحظات ضعف ومعاناة، ونتعايش معها بما فيها من أوقات فراغ
وفكاهة وترفيه وترويح عن النفس وأوقات انشغال بمتطلبات الحياة التى لا ترحم.
نفعل ذلك كله لأننا يجب أن نقوم به ولا نشغل أنفسنا بفهم وإدراك أفضل الطرق التى يمكننا بها
ممارسة أنشطة الحياة على نحو أفضل فى إطار ظروفنا المتاحة، وطبيعة حياتنا،
بحيث لا يجور أحد جوانبها، على البعض الآخر، وبحيث لا يركز على وجه واحد من الحياة
ننغمس فيه بكل طاقتنا ونوجه له كل انفعالاتنا واهتمامنا دون أوجه الحياة الأخرى.
إننا بحاجة أن نتعلم كيف نستمتع بممارسة أدوارنا فى الحياة بشكل منظم وموضوعى وجاد،
نعم إننا نحتاج إلى الجدية فى كل حياتنا واختياراتنا حتى فى المرح واللعب
وأوقات الفراغ، بل وفى الحب والصداقة والعلاقات الأسرية.
والجدية لا تعنى الصرامة، بل تعنى الفهم الحقيقى والإدراك الموضوعى لأهمية كل وجه
من وجوه الحياة حتى لا نفقد الاستمتاع بالكثير من المعانى الجميلة فى حياتنا والمشاعر الفياضة
فى علاقاتنا الإنسانية، بحيث نحافظ على جمال حياتنا، ولا نخسر أشخاصا مهمين
فى حياتنا، لأننا لا نفهم كيف نتعامل معهم ولا نخسر حبهم واهتمامهم بنا.
فنحن بحاجة أن نأخذ أمور حياتنا بجدية ولا ندعها تمر مرور الكرام دون أن نفهم ونستفيد
من تعثراتنا فلا يكفى أن نعيش، بل نحن بحاجة أن نعرف كذلك كيف نعيش
كل لحظات حياتنا، فذلك سيوفر علينا وعلى غيرنا الكثير من الفشل والألم والإحباط.
لا يكفى أن نستمتع بالحياة، بل كذلك أن نقدر قيمة النعم والأشياء الرائعة فى حياتنا التى تستحق منا
الرعاية والعناية الفائقة، وأن نعرف كذلك كيف نحب وكيف نحافظ على من نحبهم، لا يكفى
أن نربى الأبناء لكن أن نعرف كيف نربيهم، لا يكفى أن نتزوج بل أن نعرف
كيف سنبنى بيتا ونكون أسرة وكيف نحافظ على علاقة زوجية وأبناء.
بإمكاننا الاستفادة من الكثير من الخبرات التربوية والعلوم البشرية
وأساليب تطوير الذات التى تعلمنا كيف نحدد أولوياتنا ونخطط حياتنا،
ونرتب منظومة القيم الخاصة بحياتنا، وهذه العلوم تضع لنا الكثير من الحلول للمشكلات،
وأفضل الأساليب للتعامل مع الآخر بحيث نحقق التوازن بين النجاح العملى الطموح
والمادى فى الحياة وبين احتياجاتنا الروحانية وعلاقاتنا الإنسانية.
فنحن بحاجة ماسة لتعلم فن الاستمتاع بالحياة بجميع وجوهها، فلا نخسر من نحبهم فى زحام الحياة
وصراع الطموحات والإخفاقات ولا نخسر طمأنينة بالنا، واستمتاعنا ببهجة الحياة،
ونعم الله علينا فيها، ولا نسرف كذلك فى الاستمتاع باللهو وأوقات الفراغ، فننسى أدوارنا الحقيقية
والأساسية فى الحياة، ومن انتفع بمنهج القرآن وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم،
واستفاد بالعلوم الإنسانية الإيجابية فقد وضع قدمه على بداية طريق السعادة
التى تقدم له خلاصة خبرات وتجارب الآخرين.
إن فن الحياة وفن الاستمتاع بها لهو أوسع الفنون التى لا يلقى لها بالا الكثير من الناس.