إمّا أنكم نسيتم شبابكم.. أو أنكم لم تعيشوه أصلاً
مقاله لهشام الجخ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عندما كنت مراهقاً بين سن الرابعة عشرة وسن العشرين كنت أمارس رياضة (الكونغ فو).
لم يكن هناك اتحاد مصرى للعبة.. وفى الغالب كان المدربون يعلموننا ما يشاهدونه
فى أفلام (الأكشن) بالسينمات وكل مدرب كان يضع (التاتش بتاعه)..
وكنا – بحكم حداثة السن – نصدقهم ونستمتع بالتمرينات المرهقة التى يفرضونها علينا..
ونعتبر أنفسنا أبطال (نينجا).. وتسيطر علينا النشوة والحماسة حين ندفن أيدينا
فى الرمال الساخنة ونرتدى (مثقلات) وهى عبارة عن جوارب سميكة تعلّق بها
أسياخ قصيرة من معدن الرصاص الثقيل لتعيق حركتنا أثناء السير كنوع
من أنواع التدريب.. وغيرها من التدريبات غير المدروسة وغير الصحيّة،
ولكننا كنا نطيع مدربنا ونؤمن به ونصدقه ونراه (جاكى شان) الذى سيجعل
من كل واحد منا رجل (نينجا) يستطيع أن يحارب جيشا بمفرده.
ما زلت أذكر سلوكياتى وقتها وكيف كانت أمى - رحمها الله – تسخر منى
حين ترى (الفيرمانشو) وهو سلسلة صغيرة ينتهى كل طرف منها بعصا صغيرة
وأظل قرابة الثلاث ساعات يوميا أطوّحها فى الهواء وأنا أطلق صيحات (إتش – صن)
وأضع الوسائد فى غرفتى بشكل رأسى وكأنها خصوم ثم أقفز من على السرير لأضربها
جميعاً بحركة واحدة كما يفعل (بروس لى) فتتساقط من حولى رؤوس الأعداء.
كنت مؤمنا تماماً بما أفعله.. وكنت إذا دخلت غرفتى أشعلت المصباح بقدمى
(ماى جيرى).. وإذا نزلت سلم المنزل أو المدرسة قفزت بالخمس درجات
وإذا قُدتُ دراجتى تركت المِقْوَد (الدريكسيون) أو أمسكتُه
بيد واحدة إذا اضطررت للقيادة البطيئة.
كنت إذا أحببتُ هِمْتُ.. وإذا كرهتُ حقدتُ.. وإذا غضبتُ فجرتُ..
وإذا فرحتُ حلّقتُ فى السماء. كنا – فى هذه السن – نود أن نرى كل شىء
مثالياً ونموذجياً ولا تشوبه أى شائبة.. لم نكن وقتها قد لوثتْنا المصالح
والمنافع الخاصة ولم نكن ندرك معنى الضرورات ومقتضيات الأمور
والتنازلات وحسابات المنفعة والسياسة والتفاوض.
كنا ما زلنا على سجيّتنا، تحركنا العواطف وتربطنا الصداقة والأخوة والجيرة.
ما زلت أذكر شعورى بالقوة حين نقف بجوار أحد أصدقائنا فى فرح أخته
أو أحد أقاربه، أذكر كيف كنا نذهب إليه مبكرين نرتب معه الكراسى ونعلق الزينة
ونجهز كل شىء ثم نعود لبيوتنا نغيّر ملابسنا ثم نذهب للفرح مرة أخرى
لنرقص ونغنى ونصفق (بقوة) حتى منتصف الليل ونعود لبيوتنا متأخرين
ولم ينقص من حماسنا ولا حيويتنا شىء.
أذكر عندما كنت أذهب (نشيطا جداً) إلى تمرين كرة القدم مع الكابتن (عمر)
فى الاستاد (استاد سوهاج الرياضى) صباحاً وأعود للمنزل – مجبراً –
للغداء ثم أنزل (نشيطاً جداً أيضاً) بعد صلاة المغرب لتمرين كرة السلة
مع الكابتن (عبدالحميد) بالنادى البحرى.
أذكر شعورى حين يتشاجر أحد أصدقائى فى منطقة غريبة ويتكاثر عليه شباب المنطقة
ونذهب معه لنثأر له.. أذكر جيداً شعورى عندما يُضرب صديقى..
وكيف كنا لا نهدأ حتى نثأر له.
أقول يُضرب.. وليس يُقتل.. إلى من يتعجبون من قوة (الأولتراس) ونشاطهم
وصبرهم وحيويتهم ومثابرتهم وصمودهم أمام رجال الأمن المركزى..
إمّا أنكم نسيتم شبابكم.. أو أنكم لم تعيشوه أصلاً.