أحيانا ما أشعر أن النصائح التى تقدم للتقريب بين الزوجين تكون سببا فى تفاقم المشكلات،
وبعد المسافات بينهما، فكثير منها تبالغ فى مطالبة أحد الطرفين أو كلاهما بما هو فوق طاقته،
وليس من طبعه، بما يجعل الطرف الآخر يعتبر ذلك حقوقا مكتسبة طبيعية ينتظرها من شريك حياته
، فهو يريد شريكه كاملا منزها عن العيوب، ويعتبر ذلك حقه الطبيعى، وبالطبع لا أقصد هنا الرضا عن العيوب
، وعدم بذل جهد للحفاظ على الحياة الزوجية ولكن أقصد أن يكون ذلك نابعا من الإنسان نفسه حبا
وليس تكلفا أو تملقا أو خوفا من حدوث المشاكل دونما اقتناع أو استعداد داخلى لذلك مما يجعل
أجمل اللحظات وأرق الكلمات عبئا ثقيلا وعملا شاقا مضنيا لا سعادة ولا استمتاع فيه.
فمحاولة تطبيق النصائح بوجه عام دون مراعاة الفروق الفردية بين مختلف
الأزواج والزوجات والثقافات، يجعلها غير عملية على الإطلاق.
فمثلا عندما نطالب الزوجة أن تكون جميلة دائما مشرقة دائما ومستعدة للترحيب والاهتمام بالزوج،
مهما كانت حالتها أو ظروفها حتى لو كانت غاضبة أو متألمة مجروحة منه، وألا تفكر فى لومه
أو إخراج شحنة حزنها وغضبها، بشكل متوازن، وألا تمتنع أو تعترض أو تعبر عن وجهة نظرها
مع احترام قوامة ومكانة الزوج منها، بتبرير أن ذلك يفتح باب المشاكل بل وإقناعها بأنها لو لم تفعل
لن تكون الزوجة المثالية الصالحة، يجعلها تعيش مع زوجها دون أن تكون نفسها حتى تشعر أنها غريبة عنه
، وتشعر أن عبء إرضائه على هذا النحو أصبح عبئا ثقيلا على كاهلها، وقد تظل صامتة تخبو شيئا فشيئا
وقد تنفجر وترفض الاستمرار أو تتحول هى نفسها لمشكلة نتيجة الكبت الذى وضعت نفسها تحت وطأته
بمحاولتها الكمال دون انتظار مقابل ودون أن تكون هى من الأصل تسعى لتطوير ذاتها وشخصيتها
مع الجميع لا تكلفا بل تطبعا وتعلما لسلوكيات أفضل ترضى بها ربها وترضى عن نفسها.
وفى المقابل عندما نطالب الزوج بأن يكون
ه حلوا على الدوام يهتم بأدق التفاصيل ويجامل
ولو كان ما تصنعه زوجته لا يعجبه متعاونا ودودا لا يغضب، ولا يمتنع ولا يواجه زوجته بأمر
يرفضه ويكون دوما حاضرا، ومهتما بها دون أن يكون ذلك فى طبعه ولا سلوكا يحاول اكتسابه
مع كل الناس لا يكون ما يصدر عنه من قلبه ولا يصل بشكل طبيعى يسعد ويرضى شريكة حياته
ولا يكون شيئا مستمرا، يحافظ عليه بل إنه مع أول بادرة خلاف ينقلب شخصا شرسا قاسيا لم يعد يقبل الاحتمال
ولا يتقبل أى أعذار لأنه أجهز على كل طاقته فى التكلف والظهور بمظهر لايعبر عن شخصيته.
وأعتقد أنه من الأمور المهمة أن يوجه النصح للأزواج والزوجات أن يكونوا طبيعيين وواضحين مع أنفسهم
ومع من سيختارونه شريكا لحياتهم، فما يتناسب مع شخص ويرحب به قد يرفضه آخر
ويفترض أن يعرف كل مقبل على الزواج الآخر بطباعه واحتياجاته منه، حتى يحترم كل منهم احتياجات
ومتطلبات الآخر بشكل متوازن ليس فيه جور على الآخر، وأن يعذره فى تقصيره وكذلك أن يتعلما
كيف يعبر كل منهم عن وجهة نظره بشكل محترم ليس فيه إساءة أو إهانة للآخر وإذا اختلفا أن يحفظ كل منهما
كرامة وحقوق العشرة لشريك حياته عندئذ تعيش كل أسرة بطريقتها وتنوع واختلاف طبائع
أفرادها مع الاحتفاظ بالشكل والإطار الأخلاقى العام الذى يتفق عليه الجميع.
غادة عطا