يهزه عاصف.. يجتاح كيانه.. يتوارى بأهدابه التى تشبه قوارب إنقاذ الغرقى ليبكى بكاء يرج العالم فى لحظة..
يحيله إلى أسطورة وزهور من البنفسج النبيل.. كم هى قاسية دموع الرجال.. وكم حيرت الفلاسفة والنبلاء..
وكم تراشقها الأقوياء بالاتهامات، مؤكدين أن الرجال لا تبكى.. قال فرويد، إن الرجل العاشق يبكى والرجل الوحيد
والرجل العتى القوى فى أقسى لحظات الظلم وقال لى الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب، الملقب بأنه عدو المرأة فى أحدى حواراتى معه
على صفحات الغراء صباح الخير"إن المرأة تملك ردار يجعلها تشعر أن زوجها يحب أخرى والرجل يبكى
حينما يحب بشدة أخرى ويشعر أنها سوف تخرجه عن كل حدود حياته، وتهيم به فى آفاق رحبة.
رأيت لآلئ البحار فى عيون أساتذتى العظماء حزنا على ضياع رفيقة درب أو حبيبة.. حزنا على رحيل أو شعورا بظلم قارس
من قلوب الثلج الأبيض.. فأدركت أن العظماء من الرجال يبكون.. وأنه حينما يبكى رجل ينتفض الكون
وتزهو الفوارس برقة إحساسه وقوة شعوره.. وامتلاكه لأنهار وبحار.. وند.. وأسرار.
وأنا يا شهريار منذ رأيت دموعك الحيرى تسبح فيها أحلامك.. وتنتفض لتستقر على شط جفنيك، وأنا حائرة بين سطورى..
لا أدرى كيف أخلد هذا الحدث المهيب، الذى برقت له السماء التى افترشتها تحت أرضك وعادت طيور الهجرة لتستظل بفورة إحساسك..
وأسدلت نوارس البحار لآلئ.. تضىء العالم لتمحو.. قسوة الظلام وتحرض القمر..
أحببتك.. أكثر.. وظللت أسبح.. وأترنم.. وأدعو للكون أن يغتسل بإحساسك
كنت أسمع صوت دموعك على بعد مئات الأميال.. كنت أسمع صوت ارتطامها.. على كل المشاعر الخشنة..
تهز الوجدان وتجبرنى أن أخطف أناملك.. الفارعة بين يدى لأمتص كل أسباب الارتعاش
تجبرنى يا شهريار.. أن أصهر ذاتى فى بوتقة.. ليكفينى منك دمعة واحدة ونصف قلب..
ولطالما.. أدركت أن قسوة الزمن علمتنى إلا أبكى.. مهما كانت الموسيقى التى تلفونى جنائزية..
ومهما كانت المشاعر الصرعى.. تنهوى.. وتنتحر..
وإننى لا يمكننى أن أبكى إلا بعد.. انتهاء الحدود والخلود معتصماه بمفردى.
أعدت لى يا شهريار لغة العيون التى تضحك وتبكى وتحيا وتنتحر.. وبقدر ما أبكيتك.. أبكيتنى..
وبقدر ما عذبتك أغرقتنى.. وأصبح ليس لى ملاذ إلا عينيك.. التى تشبه القارب والزوارق
فان أبكيتك مجددا.. فارقنى.. وجردنى من كل دموعى التى أحيتنى..
وأحكى للعالم كيف أننى قسوت عليك حينما لم أعلن عبر كل سطورى أننى أحببتك بدموعك الحيرى..
وإن ابتسمت سيدى وزهوت أمام كل أصدقائك بحبى إليك.. أزهو.. وأنت تعلم أنك أسعد رجل فى العالم
لأن فلاسفة العشق يقولون إن أسعد رجل هو ذلك الذى يكون الأول بقلب امرأة
وأنا لم أحب غيرك يا سيدى.. وما كان قبلك.. طيفا لم يمس مشاعرى البكر التى زفت إليك..
وبعد.. ما سخرت العالم الرحب بدموعك العتية.. أعلم.. أن كل الطيور اغتسلت.. وكل النجوم وهوت ببريقها الساحر
وكل القلوب الخشنة لرجال ونساء.. علمت أن فيض مقلتيك.. هو قبلة الحب..
لن أرحل أيها الباكى بعد الآن مثل أوراق الشجر
ولن أرى أشواطا فوق أجنحته التى لم تطير إلا إليك
ولن أخاف من كل البشر ما دمت معى واعلم سيدى أنك كلما أطلقت سراحى.. سأرتد مثل طير وسأحصى النجوم فوق كتفيك..
واجعل النسور ترتدى التاج الملكى.. وأتطهر بنياشين الفروسية.. والرماية والغوص فى دمى والعشق..
ستكتب جدران الجبال عنك بدموعك أسطورة.. كرائد فى فن الحب
ستسجل السيمفونيات صوتها لتخبر العالم.. أن فورة الإحساس صار ملك عينيك..
سأختبئ يا شهريار.. بعد الآن.. بك.. وبضوء القمر..
اروينى من فيض ضلوعك.. وعلم القلوب.. كيف تبكى عشقا وتتحرر من أنهارها الراكدة.. أحبك.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]