الحس الإيه يا هانم؟! معلهش أصل فهمى على قدى!
الحس «المجتمعى» يا برنس
آه. قلتى لى، الحس المجتمعى! تصدقى يا هانم، حتى واقفة فى زورى من زمان، وساكت.
لكن ما دام فتحتى الموضوع هنتكلم. هو حد بقى مراعى زعل حد فى الزمان دا؟ دا سؤال على فكرة، مش استنكار.
والإجابة على السؤال دا هى اللى هتحدد مصير المقال. لو انت شايفة إن ماحدش بيراعى حد يبقى مافيش «حس مجتمعى»،
ونبقى متفقين، ومافيش داعى تكملى المقال. لو انت شايفة إن الناس بتراعى الناس، يبقى قدامنا حاجة من اتنين.
لو الناس بتراعى قرايبها بس، يبقى مش «حس مجتمعى»، يبقى حس عائلى، ونبقى متفقين،
لكن لو الناس بتراعى «الغرباء» -من أهل البلد- يبقى قدامنا حاجة من اتنين.
لو بتراعى الغرباء اللى يشبهوهم ويتجنبوا الغربا اللى مش بيشبهوهم، يبقى مش حس مجتمعى،
يبقى حس عشائرى. لكن لو بيراعوا الغربا حتى لو مش شبههم يبقى قدامنا حاجة من اتنين.
لو غرضهم النهائى يخلوا الغربا اللى مش بيشبهوهم، يبقى مش «حس مجتمعى»،
يبقى «حس جماعى»، لكن لو غرضهم النهائى مراعاة الغرباء مع تقبل اختلافاتهم يبقى مجتمع.
الغرض يا هانم. كلمة مجتمع وكلمة جماعة قريبين جدا من بعض فى اللفظ فقط. وهذا سبب الالتباس.
لكن الحقيقة أن مفهوم المجتمع نشأ فى الدولة الحديثة خصيصا، خصيصا، لكى يحل محل مفهوم «الجماعة»
المرتبط بالنظم السياسية والإدارية القديمة، فى عصر «القبائل» والدول الإقطاعية والأرستقراطية.
الدولة الحديثة دولة «مواطنين». صحيح أن كلا منهم ينتمى فى الحيز الخاص إلى عائلة أو عشيرة أو جماعة،
لكنه -سياسيا، فى الحيز العام- مواطن فرد ضمن مجتمع من المواطنين. يعنى إيه؟
يعنى: مواطن فرد متساوٍ فى الحقوق والواجبات واستحقاق الفرص مع أى فرد آخر فى البلد،
وذلك بغض النظر عن الانتماء «الجماعى» لهذا المواطن، أى بغض النظر عن الصفات المرتبطة بالدم (الوراثية)
أو بالعقيدة أو بالجنس أو بالنوع. مافيش صفة جماعية تديكى أفضلية على مواطن آخر لا يتشارك معك فى نفس الصفة الجماعية.
فهمتينى؟ التمايز ينبع من تمايزك الفردى فقط، من جدك واجتهادك، من مهاراتك، من معرفتك العملية أو النظرية.
هل دا معناه إلغاء الجماعة؟ لا أبدا. دا معناه إن الجماعة والانتماء الجماعى شىء فردى، شىء يخص حضرتك،
ووالد حضرتك، ووالدة حضرتك، وخال حضرتك إلخ إلخ. يخص علاقتك الشخصية بمن تحبين.
لكن مايخصش الدولة فى حاجة. ابن خيرت الشاطر وابن حسن مالك زيهم زى ابن بواب العمارة زى ابن المكوجى.
ماينفعش يستقبلوا وفد اقتصادى فى صالة كبار الزوار، لأن فكرة المجتمع فى الدولة الحديثة، مالهاش دعوة بقرابة الدم.
أما إن خيرت الشاطر يحضن ابنه، أما إن ابنه يقوم الصبح يبوس رجل أبيه، فدا شىء يخصه.
أما إن رئيس الجمهورية يزور أهله وعشيرته ويودهم، فدا شىء عظيم، بس يخصه، مايخصناش.
إحنا بالنسبة له مواطنين، مش أهل وعشيرة، كلنا أمامه سواء، البهائية زى المسيحية زى المسلم زى الملحد
زى اللى عندها تلات إيدين، الفيصل بيننا وبينه القانون.
إذن يا هانم، إحنا ماعندناش حس مجتمعى، إحنا عندنا حس «عائلى، عشائرى، جماعى»،
يتمنى الواحد منا أن يصير البقية أشباها لكى يتعرف عليهم. ودا مش هيحصل أبدا، البشر من تجربتهم فهموا دا،
فطوروا المفهوم من «حس الجماعة» إلى «حس المجتمع». وإحنا كمان لازم نتعلم نطور سلوكنا إلى حس مجتمعى.
نحتفظ بالحاجات الحلوة فى الحس العائلى، احترام الكبير ورحمة الصغير، ونضيف إليها المفاهيم المجتمعية،
احترام المختلف معك وحقوقه. يعنى لو جات لحضرتك استمارات طلب وظايف مثلا،
من فضلك ماتبصيش على الاسم اللى تعرفيه، ولا تدوريش على الاسم اللى فى حاجات أكتر بتشبهك،
سواء كان حنا أو حسين، أو راشيل أو أمونت أو فاطمة، لأ، تبقى الاستمارات بالنسبة لك كلها زى بعض،
ما يفرقش بينها إلا الكفاءة. دا الفرق بين «الحس العائلى والعشائرى» وبين «الحس المجتمعى».
الاتنين مهمين للفرد، لكن التانى أهم للمجتمع الصحى.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]