د. مصطفى النجار
* الإطار السلمى يجب أن يظل هو الإطار الحاكم لأى ممارسة ويجب إبعاد الأصوات المتطرفة
من الجانبين التى ترغب فى إشعال فتيل العنف والعنف المضاد.
*التفكير أن إسقاطه سيكون مثل إسقاط مبارك ضرب من الخيال بسبب الشرعية
الانتخابية التى جاء عبرها، ولأن هناك قوة شعبية منظمة ومتحفزة تقف خلفه.
* استمرار الاحتقان وعدم الاستقرار السياسى الذى أن طالت مدته سيؤدى
لانهيار اقتصادى وشيك سيفتح باب الغضب الذى سيقوده الفقراء.
* عدم جواز إقحام مؤسسات الدولة فى الصراع السياسى أو جرها إليه،
لأن دخولها فى الصراع يفكك الدولة ويسقط بنيانها.
بإعلان الرئيس عن موعد الاستفتاء على مسودة الدستور يوم 15 ديسمبر وصلت المواجهة بين الرئيس وأنصاره
والمعارضة إلى أخطر لحظاتها وقضى الرئيس على فرصة إحداث التوافق الذى كنا نتمناه – ووعد هو به -
لتدخل البلاد فى مرحلة الاستقرار الذى ينشده كل المصريين وتحتاجه مصر لتتعافى مما أصابها عقب الثورة وحتى الآن.
لذلك يجب التروى والتريث قبل أخذ القرار وتحديد إستراتيجية المواجهة سواء فى معركة الاستفتاء
على الدستور أو الانتخابات البرلمانية التى ستعقبها، هناك محددات أساسية لا بد من مراعاتها فى كل الأحوال:
أولا: نظام الرئيس مرسى ليس نظام مبارك فمرسى أتى عبر صناديق الانتخابات والتفكير أن إسقاطه
سيكون مثل إسقاط مبارك ضرب من الخيال بسبب الشرعية الانتخابية التى جاء عبرها،
ولأن هناك قوة شعبية منظمة ومتحفزة تقف خلفه وهى على استعداد لبذل الدم من أجل بقائه
ومواجهة خصومه إذا أقدموا على محاولة إسقاطه وخلعه وهذا سيدخل مصر فى حرب دموية بلا مبالغة.
ثانيا: الإطار السلمى يجب أن يظل هو الإطار الحاكم لأى ممارسة ويجب إبعاد الأصوات المتطرفة
من الجانبين التى ترغب فى إشعال فتيل العنف والعنف المضاد، وأن تظل الأرضية التى
نتحرك عليها هى الأرضية السياسية السلمية بكل ما تحتويه
من منافسة انتخابية وحشد الجماهير وتحريك الكتل المؤثرة الكمية والنوعية.
ثالثا: وحدة مصر وسلامة أراضيها واستقلال قرارها الوطنى قيمة لا يمكن التنازل عنها، فلا وصاية للخارج
على مقدراتنا ولا تدخل فى شئوننا الداخلية تحت أى مسمى،
مشكلتنا داخلية ونحن أبناء وطن واحد لا نستقوى على بعضنا بأى أطراف خارجية.
رابعا: خطورة البعد الاقتصادى وتدهوره مع استمرار الاحتقان وعدم الاستقرار السياسى
الذى أن طالت مدته سيؤدى لانهيار اقتصادى وشيك سيفتح باب الغضب الذى سيقوده الفقراء
وكل المضارين الذين ستتحول الثورة بتحركهم
إلى ثورة مختلفة عن الموجة الأولى للثورة ولن تبقى ولن تذر.
خامسا: عدم جواز إقحام مؤسسات الدولة فى الصراع السياسى أو جرها إليه فمؤسسات الجيش
والشرطة والقضاء يجب ألا تكون طرفا فى الأزمة ولا تنحاز لطرف،
دخول هذه المؤسسات فى الصراع يفكك الدولة ويسقط بنيانها.
فى ضوء هذه المحددات ننتقل إلى السيناريوهات المختلفة للتعامل مع الأزمة:
السيناريو الأول: الإصرار على إسقاط النظام واعتباره غير شرعى واستمرار التصعيد والدعوة لعصيان مدنى
حتى إسقاط النظام: تبدو هذه الفكرة خيار لبعض القوى الثورية التى تعتبر أن الرئيس قد فقد شرعيته
بعد الإعلان الدستورى الأخير الذى تجاوز فيه هذه الشرعية – وهذا كلام له حيثية دستورية وقانونية
لدى البعض - وترى هذه القوى أن إسقاط النظام عبر التظاهر واستمرار
الضغط هو المسار الوحيد، ولكن يعيب هذه السيناريو مجموعة من العوامل الواقعية منها:
1 – أتى مرسى كرئيس عبر صناديق الانتخابات ولا يمكن إسقاط ما جاء بالانتخابات إلا عبر الانتخابات،
وليس مظاهرات واحتجاجات، بالإضافة إلى أن هذا الخيار شعبيا لن يكون مفضلا على نطاق واسع،
لأن عموم المصريين غير المسيسين لن يقتنع بأسانيد القوى الثورية التى ترى أن شرعية الرئيس قد سقطت،
كما أن الدخول فى هذا المربع سيدخلنا فى حرب دموية – لا شك فيها – مع تنظيمات الإسلام السياسى
والتى مارس بعضها العنف والقتل فى فترة ما من تاريخه، وسيقف معسكر التيار الإسلامى
بقوة أمام إسقاط مرسى - الذى يرونه أول رئيس إسلامى لمصر - مهما كان الثمن.
2 – فكرة العصيان المدنى بمفهومها الحقيقى غير واردة فى مصر، لأنها تعنى باختصار الامتناع التام
عن التعامل مع الدولة، وذلك بعدم دفع الضرائب ولا فواتير الكهرباء ولا الماء ولا الغاز،
وكذلك الامتناع عن استلام الرواتب بالنسبة لموظفى الدولة وعدم التعامل مع أى مؤسسة فيها
مثل الشرطة أو القضاء وغيره والإضراب الجزئى المتصاعد عن العمل، ليتحول بعد فترة قصيرة
إلى إضراب شامل فى كل قطاعات الدولة ومرافقها مثل النقل والصحة وغيرها،
مما يصيب الدولة بالشلل ويخضع النظام حينها لمطالب الجماهير،
ولحدوث هذا يحتاج إلى تهيئة وتمهيد وتوعية وحشد قد يستغرق
سنوات وقد لا ينجح أيضا بسبب الرغبة الجمعية للمصريين فى الاستقرار.
3 – كلفة هذا الخيار مرتفعة لا تستطيع قوة سياسية احتمال عواقبها، لأن الفشل
فيه يعنى إشعال حرب أهلية فى مصرستهدم بنية الدولة وتفتح الباب لتقسيم مصر.
السيناريو الثانى: مقاطعة الاستفتاء على الدستور ومقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة
وترك الساحة السياسية للتيار الإسلامى ليلعب فيها وحده،
وانتظار انتهاء الفترة الرئاسية لمرسى والاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة بعد أربعة سنوات.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]