تضع جماعة الحكم -«الإخوان المسلمين»- فى تحركها نحو معركة (الحسم) والتمكين من كل مفاصل الوطن
هدفين رئيسيين هما «القضاء والإعلام»، باعتبارهما أقوى حصون الممانعة فى مواجهة الزحف التنظيمى الإخوانى.
وبمجرد إلقاء نظرة على الواقع نكتشف أن جماعة الإخوان ترى أنها قد تسلمت مفاتيح الوطن
عندما اعتلى الدكتور محمد مرسى كرسى الرئاسة، مدعوما بمجلس شورى يعطيه الغطاء البرلمانى،
وتشكيل حكومى يطوق القرار الإدارى عبر وزراء إخوان صِرف أو تكنوقراط النظام السابق،
لا يمانعون فى سبيل الاستمرار أن يستجيبوا لكل طلبات التنظيم فى ما يخص تعيين مساعديهم ووكلائهم والمتحدثين بأسمائهم.
ولضمان السيطرة الجغرافية لجماعة الحكم مع المركزية فإن ذات الأمر تم مع تعيين المحافظين.
ومع تشكيلة المجلس القومى لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة من خلال الجماعة يصير للرئيس
الذراع الداعمة له حقوقيا وصحفيا، ولا ينقصه إلا دعم مهنى تم من خلال السيطرة المبكرة على النقابات المهنية.
وعبر هذا الدعم الموزع على كل الأصعدة (مجلس شورى- حكومة- محافظين- نقابات- حقوق إنسان-
مجلس أعلى للصحافة). استطاع الرئيس أن يستصدر إعلانا دستوريا مصحوبا بمباركة (شعب الجماعة)
يسعى لإخراس كل صوت من الممكن أن يعارض، خصوصا فى مؤسسة القضاء التى أقصاها
وألغى كل سلطة لها فى تقويم قراره وحنث بيمينه على احترامها. وحصَّن كل قراراته من نقد وسائل الإعلام.
والسؤال الآن: «هل ينظر الرئيس محمد مرسى إلى وجهه فى المرآة بعد أن يتوضأ لأى صلاة
فى قصر الرئاسة ولا يتذكر مواقفه من نفس القضاء قبل أن يدخل القصر؟».
ألا يتذكر الرئيس مرسى حين وقعت مظاهرات استقلال القضاء عام 2006 كان الدكتور محمد مرسى عضوا
بمكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين (جماعة الحكم حاليا) وأشرف بنفسه على مجموعة العمل الإخوانية
التى كانت تدير فاعليات مناصرة القضاء، وانتهى الأمر باعتقاله،
وكان الشعار وقتها فى مواجهة استبداد مبارك «نعم لاستقلال القضاء»؟.
ولقد أدار الدكتور مرسى وقتها معركة المواجهة ضد الدولة بحكم إشرافه وقتها على القسم السياسى والبرلمانى للجماعة
تحت شعار معلن «استقلال القضاء»، وكان رأسا الحربة فى هذه المعركة هما المستشاران محمود مكى وهشام البسطويسى
-أحدهما الآن يعمل على تقنين قرارات الرئيس بعد أن صار نائبا له والثانى يرى فى القرارات ما يراه نادى قضاة مصر-
وكان الدكتور مرسى هو من راجع بيان الإخوان الصادر عام 2006 لدعم استقلال القضاء ونص فيه على
(لا شكَّ أن توفيرَ الاستقلالِ الكاملِ للسلطةِ القضائيةِ هو أحدُ أهمِّ سماتِ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ فى المجتمعات المتقدمة،
وهو ما تحرصُ عليه هذه المجتمعات ضمانا لنهضتها ورقيِّها، فضلا عن قدرتِها على مواجهةِ التحدياتِ الداخليةِ والخارجية)،
لقد كان الرئيس مرسى مؤمنا بالاستقلال الكامل للقضاء، بل لقد جزم فى بيانه بأن النُّظُمَ الاستبداديةَ
(تحرص على النَّيلِ من هذا الاستقلالِ والوقوفِ عقبة كؤودا أمامه،
حتى تتمكنَ من بسطِ سيطرتِها ونفوذِها، وإحكامِ قبضتِها وهيمنتِها على الشعوبِ، وقهرِها وسلبِ حقوقِها وحرياتِها).
ألا يتذكر الرئيس مرسى أن مبارك لم يكن فى هذا الوقت قد تجاوز المحكمة الدستورية ولم يكن أعضاء الحزب الوطنى
قد خرجوا بأوامر من قيادات تنظيمهم ليحاصروا مكتب النائب العام أو المحكمة الدستورية التى أصدرت ثلاث أحكام
بحل برلمانات كانت أغلبيتها للحزب الوطنى تماما، كما هو الحال مع حزب جماعة الإخوان المسلمين
الذى هتف أعضاؤه أمام جامعة القاهرة فى سبت الشريعة والشرعية «قولها يا مرسى قولها قوية... مالهاش لزمة الدستورية»؟!
وذات الجماعة هى التى أقرت فى بيانها عام 2006 بأن «القضاء فى مصر دوما ملاذ الخائفين وملجأ الضعفاءِ،
وثقة الشعبِ المصرى على مرِّ الدهورِ والعصورِ». وأكدت أن من أهم مطالبها بالنسبةِ إلى الإصلاحِ السياسى
«ضرورةُ صدورِ قانونِ استقلالِ السلطةِ القضائية، الذى صاغه وطالب به نادى قضاة مصر»،
ولكن البيان ربط هذه الضرورة بشرط يجب أن نتوقف عنده وهو «حتى يتمكنَ السادةُ القضاةُ
من الإشرافِ الكاملِ والحقيقى على الانتخاباتِ العامةِ، كى تخرجَ معبِّرة بحقٍّ وصدقٍ عن الإرادةِ الحرةِ للشعب».
وإذا استوعبنا أن استقلال القضاء مرهون بانتخابات حرة ونزيهة تكون نتيجتها نجاح الإخوان،
فإن ما يحدث حاليا من إلغاء للسلطة القضائية يمكن أن يكون مبرره «انتهاء الحاجة للقضاء»،
حيث إنه قد أدى دوره فى تحقيق المشروع الإخوانى. وإلا فكيف يمكن تفسير أن الدكتور مرسى
ينسق لحملة مناصرة القضاء فى 2006، مستخدما فيها طاقة التنظيم كاملة، وبدأت بإرسال برقية
إلى نادى قضاة مصر فى 17/4/2006 من الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين، اعتبرت فيه إحالة
المستشار محمود مكى، والمستشار هشام البسطويسى نائبى رئيس محكمة النقص للجنة الصلاحية،
«تصعيدا من الحكومة ممثلة فى وزير العدل ضد القضاة الشرفاء وهو ما ينذر بشبح مذبحة جديدة للقضاة»،
كان الأمر وقتها إحالة قاضيين إلى الصلاحية وليس إلغاء سلطة القضاء وغلق المحكمة الدستورية.
ألا يتذكر الرئيس مرسى أنه وقتها تابع الضغط على النظام وكلف اللجنة البرلمانية بالتصعيد
ليتقدم النائب حمدى حسن المتحدث الإعلامى باسم الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بطلب إلقاء بيان عاجل لوزير العدل
تلاه انسحاب نواب الإخوان والمستقلين احتجاجا على «سلق» قانون المد للقضاة، وفى حينها علق د.محمد البلتاجى،
الأمين العام لكتلة الإخوان، مؤكدا أن الانسحاب يأتى كردِّ فعلٍ طبيعى ضد أسلوب «سلق» القانون على نحو غير مسبوق،
ومشيرا إلى أنه تمَّت المصادرةُ بشكلٍ غريبٍ على تعديلات نواب المعارضة، وتساءل: هل يُعقَل أن يتم «سلق»
هذا القانون فى 6 ساعات؟! -لاحظ أن الدكتور البلتاجى ا
عترض على سلق قانون فى 6 ساعات ويبرر اليوم لاعتماد دستور كامل فى 17 ساعة!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]