مازالت حالة الجدل حول قرارات الرئيس الجديدة بالتعديلات الضريبية، رغم إلغائها فجر أمس، وهو ما يعكس حالة التخبط والارتباك لدى صناع القرار، والعشوائية فى إصدار القرارات ثم التراجع عنها.
وتظهر مخاوف لدى خبراء الضرائب، من أن يكون وقف العمل بالقانون يهدف فقط لتهدئة الشارع، استعدادا لإجراء الاستفتاء المزمع الأسبوع المقبل على مشروع الدستور الجديد، دون أن يدرك صناع القرار وجود مشكلة حقيقية بالتعديلات التى ستسهم فى رفع أسعار عدد كبير من السلع المؤثرة ، مثل الزيوت والأسمدة والحديد والأسمنت والكهرباء والغاز، وغيرها من السلع التى تؤثر تأثيرا مباشرا على المستهلكين.
والمثير للجدل هو صدور القرار صباح أول أمس، الأحد، بتاريخ سابق، وهو يوم 6 ديسمبر، ما يكشف طبيعة المراوغة السياسية التى قام بها رئيس الجمهورية، لكسب شعبية جماهيرية بإلغاء زيادة الأسعار بعد إقرارها، قبل الاستفتاء المزمع إجراؤه على الدستور الأسبوع المقبل، فى ظل تدهور الحالة السياسية، وهو ما أكده الدكتور نبيل عبد الرءوف، مدرس المحاسبة بأكاديمية الشروق.
وأوضح عبد الرءوف أن صدور مثل هذه القوانين الضريبية ثم التراجع عنها خلال ساعات، سيكون له تأثير سيئ للغاية على الاستثمار الأجنبى والمحلى، لافتا إلى أن عددا كبيرا من الشركات الأجنبية التى اطلعت على القرار أعربت عن استيائها الشديد، مما فعلته الحكومة ورئيس الجمهورية، خاصة أنه ليس من المطلوب إجراء تغييرات مستمرة بالقوانين الضريبية التى تبنى عليها الشركات سياسات مستقبلية لثلاث سنوات على الأقل.
من جانبه وصف عمرو المنير نائب رئيس جمعية الضرائب المصرية ومستشار وزارة المالية السابق، ما يحدث حاليا بحالة التخبط والعشوائية فى اتخاذ القرارات، وعدم اختيار الوقت الملائم للتطبيق، لافتا إلى أن صدور قوانين برفع الضرائب ثم التراجع عنها فى نفس اليوم، جاء لأسباب سياسية وانتخابية.
وقال المنير: إن الرئيس قام بتعطيل قراراته بسبب ضغوط من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، خوفا من ارتفاع الأسعار المتوقع بعد التطبيق، وماله من تأثير مباشر على المواطنين ، فى الوقت الذى يستعد فيه الحزب لخوف معركة الاستفتاء على مشروع الدستور الأسبوع المقبل.
وأكد المنير أنه فى ظل حالة الركود الاقتصادى والتى نمر بها حاليا، ليس من المفروض أن يتم فرض أى زيادة فى الضرائب، حتى لا تتأثر سيولة الشركات، مما يؤثر سلبا على الاستثمار، ويأتى بنتيجة سلبية فى النهاية بتراجع الحصيلة الضريبية، كما أن العشوائية فى القرارات الاقتصادية والسياسية تخلق مناخا عير مشجعا للاستثمار.
الدكتور عبد الرسول عبد الهادى، أستاذ المحاسبة بكلية التجارة جامعة طنطا، أكد أن هناك مشكلة دائمة لدى صناع القرار فى اتخاذ قرارات دون الاستعانة بالخبراء والمتخصصين، لافتا إلى أن الجمعيات الضريبية تقدمت بالعديد من المقترحات حول تعديلات ضريبية بعد دراستها، لم يتم الأخذ بها.
وأضاف عبد الهادى أن وزير المالية كان قد أصدر تعليمات لقيادات مصلحة الضرائب بعدم الحديث حول التعديلات الضريبية التى يتم دراستها تماما، وهو ما أدى لاعتذار عدد منهم عن حضور المؤتمر الذى نظمته جمعية المحاسبين والمراجعين الأسبوع الماضى، خوفا من الحديث عن التعديلات الجديدة التى وافق عليها مجلس الوزراء.
وفيما يتعلق باشتراط صندوق النقد لإجراء تعديلات ضريبية وزيادة الحصيلة للموافقة على منح مصر قرض 4.8 مليار دولار، قال عبد الهادى إنه يمكن التفاوض مع الصندوق لإجراء هذه التعديلات بشكل تدريجى وبعد دراستها جيدا من جانب الخبراء، مع الأخذ فى الاعتبار أن أى تحريك فى ضريبة المبيعات سيترتب عليه زيادة فى الأسعار، مضيفا أن تطبيق القيمة المضافة سيحل كثيرا من هذه المشكلات.
وأكد الخبير الضريبى صلاح طنطاوى أن ما صدر عن رئاسة الجمهورية من تعديلات ضريبية ثم التراجع عنها بعد ساعات "تهريج"، وحديث لا ينم عن أى مسئولية وعدم فهم للأبعاد السياسية والاقتصادية، سيدمر الاقتصاد المصرى.
وشدد "طنطاوى" على أن هذه الزيادة التى كان من المقرر إقرارها، لن تحقق حصيلة وإنما ستسهم فى زيادة نسبة التهرب الضريبى ورفع معدلات التهريب لعدد من السلع، خاصة السجائر.
وأعرب طنطاوى عن دهشته من طباعة القرارات أول أمس الأحد بتاريخ سابق وهو الخميس الماضى الموافق 6 ديسمبر، أى قبل إلغاء الإعلان الدستورى، وهو ما يهدف لتحصينه من الطعن– على حد قوله- مشيرا إلى أن وقف العمل بالقانون له هدف سياسى بحت، وهو الاستعداد لحشد الجماهير للموافقة على إقرار مشروع الدستور الجديد.
من جانبه وصف محمد عامر سيف، وكيل وزارة المالية الأسبق، هذه القوانين بالـ"مجزرة"، مؤكدا أن ارتفاع الأسعار سيطال جميع السلع الأساسية، لافتا إلى أن إقرار هذه القوانين ثم وقف العمل بها ينم عن تخبط وعشوائية فى صناعة القرار.
وقال سيف إنه على صانع القرار الأخذ فى الاعتبار الأثر الاقتصادى للضريبة، دون النظر فقط لزيادة الحصيلة، مشيرا إلى أن نظرة الحكومة الضيقة للضرائب ستعود بنا مرة أخرى لسياسة الجباية.
MiRo عضو فضى
الساعة الآن : عدد المساهمات : 211 تاريخ التسجيل : 16/01/2013
موضوع: رد: قرار الرئيس بزيادة الضرائب طبع بتاريخ سابق على إلغاء الإعلان الدستورى لتحصينه من الطعن السبت فبراير 02, 2013 10:59 am