وفي كل ليلة كان الحلم يتكرر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لا يعرف منذ متي بدأ هذا الأمر. لكنه في كل مرة يجد نفسه محاطاً بقضبان حديدية. يبذل المستحيل لكسرها
كي يعبر إلي البراح الممتد أمامه والذي يغمره النور يبحث دائماً هنا وهناك عن الفأس الصغير حتي يجده
ثم يظل يضرب ويضرب قضبان الحديد المنتصبة أمامه. وأحياناً كان يحاول بأي طريقة ثني قضيبي حديد متجاورين
عله يحدث فرجة بينهما ينطلق منها. لكنه للأسف لم ينجح وهكذا ظل غير قادر علي العبور وراء القضبان.
وفي كل ليلة كان الحلم يتكرر. صورة كربونية من سابقه.. في مرحلة النوم العميق يتغيب الوعي
فيعايش موقفاً لا يأخذه شك في حقيقته ورسوخه في الوجدان.. هو والقضبان.. لا يجد نفسه مهتماً بأن يعرف
كيف ولماذا كأن قدره وعمله ودوره الوحيد في الحياة والذي لم يعد هناك بديل سواه
هو أن يكسر تلك القضبان.. وينطلق!
علي أن ثمة تغيراً قد أخذ يحدث في الأيام الأخيرة. فقد أصبح قادرا في كل مرة علي إحداث ما يشبه لكسر
في واحد من القضبان. أو أن يوسع قليلاً الفرجة بين قطبين. ولكنه أيضاً وفي كل مرة كان يعود إلي القضبان
بعد يوم أو يومين ليجدها قد عادت كما كانت وكأن قوي خفية تعيدها دائماً منتصبة في وجهه سداً منيعاً يتحداه!.
وفي مرة لا ينساها أبداً.. رأي نفسه يتسلل بليل ليكشف عمن يعيد القضبان
إلي ما كانت عليه محطماً جهوده التي كانت تضيع دائماً في محاولة كسرها.
وأخيراً رآه.. شاهده ينحني يصلح القضبان بطريقة ما ليعيدها لوضعها السابق.. اقترب منه دون أن يشعر
ومن خلال ضوء خافت تسلل من البراح الممتد وراء القضبان ظهر له بروفيله..
اقترب أكثر ليري الجانب الآخر من وجهه.. في لحظة فارقة بين النوم والصحو وجد نفسه لدهشته
في مواجهة ملامح إنسان يشبهه تمام الشبه.. كمن يطفو من عمق سحيق
فتح أخيراً عينيه المغمضتين علي ضوء نهار ساطع..
رفع نفص جسده الأعلي ونظر في المرأة المواجهة سريره..
رأي فيها صورة لنفس الشخص الذي يحمل ملامحه..
أدرك أنه هو وحده ولا أحد سواه في العالم من كان يقيم القضبان ليسجنه خلفها.
جهاد الرملي