لماذا لا يتعلمون؟!

بعد ما حدث عند مسجد القائد إبراهيم فى الإسكندرية، يوم الجمعة 14 ديسمبر، من اشتباكات دموية

بين فريقين من المصريين، استمرت لساعات طويلة، وسقط خلالها ضحايا بالعشرات من الجانبين،

كيف يسمح (حكام البلد) لمثل هذا العبث الجنونى أن يتكرر مرة أخرى، فى يوم الجمعة التالية (21 ديسمبر)؟!



الحقيقة أنهم لم يسمحوا فحسب بهذه المأساة المؤسفة، بل هم الذين دعوا إليها، وحشدوا الناس فى الحافلات

من شتى المحافظات، من خلال الدعوة إلى مليونية عبثية، أطلقوا عليها اسم «جمعة حماية المساجد والعلماء»!

فبربكم قولوا بصدق: مَن فى مصر يمكن أن يهدد المساجد والعلماء؟! طبعا لا أحد فى المحروسة كلها

يهدد عشرات الآلاف من المساجد، ولا مخلوق يهدد عشرات الآلاف من رجال الدين الإسلامى والمسيحى أيضا.

وإنما أنتم الذين تُصرّون على الزجّ بالجوامع والمساجد والزوايا فى صراعكم السياسى مع جموع المصريين الطيبين!



كما تُصرّون فى كل مناسبة، وأحيانا بلا مناسبة على الإطلاق، تُصرّون على إشعال الفتنة الطائفية

بين المصريين بالحديث الخبيث عن الموقف السياسى لإخوتنا المسيحيين! فأكثر من واحد منكم قال للجماهير

المحشودة فى سرادقاتكم: إن 80%، أو 60% من المتظاهرين عند الاتحادية من المسيحيين! ثم تشنون حملة غبية

على من يقولون «لا» للدستور، بقولكم: إن معظمهم من المسيحيين!

ما هذا الهراء، واللعب بالنار، والعبث باستقرار الوطن؟!



وإذا كنتم قد أخفقتم فى لمّ شمل الأمة، وجمع الفرقاء السياسيين، واسترجاع المنسحبين من الجمعية التأسيسية،

كما أخفقتم أيضا فى اجتذاب المعارضة إلى طاولة المفاوضات، وهذا خطأ مشترك منكم ومنهم،

ولكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتقكم، لأنكم تحكمون البلد، وقد أخطأتم فى أشياء أخرى كثيرة،

ثم جاءت لكم فرصة ذهبية، تساعد على لَمّ الشمل، وتقلل من الاحتقان السياسى، وأقصد بها تعيين تسعين

عضوا فى مجلس الشورى، وقد كتبت منذ يومين مقالا بعنوان «تعيينات الشورى»، أشرت فيه إ

لى ضرورة معالجة وضع هذا المجلس من حيث طريقة تشكيله واهتزاز شرعيته، قبل

أن تُنقل إليه السلطة التشريعية كاملة، وذكرت: «إن مجلس الشورى الحالى تم انتخابه بنسبة ضئيلة جدا (7%)

من الناخبين، كما أنه يتكون من تيار سياسى واحد فقط، ومن ثم لا بد أن يكون جميع المعينين فى المجلس

من القوى السياسية الأخرى، ومن السيدات المؤهَّلات، وكذلك من قوى الثورة، والمستقلين، والشخصيات العامة

من العلماء والمثقفين والقانونيين والخبراء، وممثلين عن الكنائس القبطية الثلاث، بالإضافة إلى ممثلين

عن شتى طوائف المجتمع، ليتكون مجلس متوازن يعبِّر عن الروح المصرية الحقيقية». وتعيين ثلث المجلس

من القوى الأخرى والمستقلين، كان يعنى أيضا أنكم ستحتفظون بالأغلبية، فلماذا تُصرّون على الاستحواذ على كل شىء،

وتعيِّنون الموالين لكم؟! لماذا تُصرّون على تقسيم الوطن؟!