بعدما شهدت الساحة الدينية تلاسنًا بين عدد من الذين يطلقون على أنفسهم دعاة، وصلت إلى حد توجيه السباب
والشتائم لخصومهم سياسيا، ما يعرض صورة الإسلام للتشويه، بادر الأزهر الشريف،
بقيادة شيخه الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بفتح حساب فى البنك المركزى
للتبرع لإنشاء قناة فضائية تتحدث ب
الأزهر الشريف الوسطى، كما أطلق عدد من المنتمين إلى الأزهر
حملة للاكتتاب الشعبى من أجل المساهمة فى إطلاق القناة.
من جانبه أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، أن إنشاء قناة للأزهر أصبح أمرا واجبا
وفرض عين، خاصة بعد ظهور كثير من القنوات التى بدأت تبث معلومات خاطئة، وفيها غلو ما يسبب بلبلة
فى عقول المشاهدين، والقنوات الرسمية المصرية ليست متخصصة فى أمور الدين
فهى تبث بعض البرامج الدينية، ولكن مساحتها قليلة، ورقعتها لا تفى بالرد على هذه الشبهات
ونشر تعاليم الإسلام، التى ينبغى أن تنشر، ومن هنا كان ظهور قناة فضائية يطلقها الأزهر بعراقته
ومصداقيته بلا شك سيكون لها أكبر الأثر فى استفادة الناس منها وتصحيح المفاهيم الخاطئة والبلبلة،
التى وقع الكثير من الناس فيها وسواء كان الأزهر قادرًا على إنشائها أو غير قادر من الناحية المالية،
فواجب الدولة وفرض عليها أن تنشأ للأزهر قناة فضائية لتكون بمثابة المرجعية، التى يرجع الناس إليه
فى فتواهم وشئون حياتهم، وفى الأمور التى يقع الناس فيها فى بلبلة فتكون مصححة للمفاهيم وتجمع المسلمين
على قلب رجل واحد وتبعدهم عن الفرقة، التى يقع فيها، كما أن الأزهر له أوقاف ولو استغلت لأماكنها
أن تنشأ تلك القناة، مشيرا إلى أن إدارة الأزهر وعدت بأنها ستقوم بإطلاق القناة،
لكن الوعد لم يتحقق بعد، وأملنا فى أن تدعم الدولة الأزهر لتعطيه الإمكانية لإنشائها.
من جانبه قال الشيخ عثمان إسماعيل زوبعة، رئيس المجلس الأعلى للأزهر، إن الأزهر قادر
على إنشاء القناة من موارده، وأنه قادر على هذا، مشيرا إلى أن هذه القناة سيكون بعيدا
عن التهييج المبالغ فيه من البعض أو التشدد المبالغ فيه أيضًا من البعض الآخر.
وأكد أن أسلوب عمل القناة والقائمين عليها سيواكب المتغيرات فى عالم الإعلام والتقنية الحديثة
فى الاتصالات مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، ورسالتها التنويرية الدعوية المعتدلة؛
بل ستخاطب كل فئات المجتمع فى مصر والعالم الإسلامى بأسلوب بسيط ومتطور، وفى الوقت نفسه
سيقع على عاتقها الرد على المسيئين للدين الإسلامى والمسلمين،
وتصحيح صورة الإسلام فى الغرب وتوضيح حقيقة الدين السمحة.
وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنه يدعو إلى إطلاق قناة "منبر الإسلام"
كمشروع دعوى ثقافى لعرض صحيح الإسلام من الصدقات الجارية والأوقاف الإسلامية،
ويشكل لها مجلس أمناء من علماء راسخين وإعلاميين محايدين بعيدا عن التيارات الدينية والسياسية
والحزبية والمذهبية، فإذا أمكن الله ذلك يمكننا عرض صحيح الإسلام، كما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم،
بشرط تنحية الشللية والوساطة والمحسوبية والعصبية والمذهبية، وأن تكون الدعوة خالصة صافية صادقة.
وأضاف، لدى قائمة بعلماء راسخين يبتغون من الله الأجر والمثوبة على منهج قل هذه سبيلى أدعو إلى الله
على بصيرة أنا ومن اتبعنى وبوسائل ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، موضحا
أن هذه القناة ستعنى بخطاب إسلامى معاصر يجمع ما بين الأصالة دون انكفاء عليه والمعاصرة
دون ذوبان فيها، فإذا فعلنا ذلك عرضنا صحيح الإسلام، على أن تعنى القناة بمقاصد الشريعة الإسلامية،
ولدى الدراسة العلمية والدعوية والإعلامية والعمل سيكون احتسابا لوجه الله تعالى
لكن ينبغى أن ننأى بهذه القناة عن إداريات الأزهر والأوقاف.
إلى ذلك أكد الدكتور أحمد يسرى، عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، أن الدعوة إلى تأسيس قناة إسلامية
تخص الأزهر الشريف تحتاج إلى دارسة كافية، قائلاً: "لا أستطيع أن أحكم على فكرة،
فيجب أولاً أن نعلم من يقوم على هذه القناة، من وراء الدعوة لتأسيسها".
وقال "يسرى"، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، تعليقاً على الإساءات
التى تخرج من الشخصيات المحسوبة على التيار الإسلامى وتسىء لبعض الشيوخ والدعاة:
"نرفض أى بذاءة أو إساءة لأى شخص، فالإساءة لا نقبلها، والحق لا يحتاج إلى سوء أدب لبيانه"،
مؤكداً أن السباب والقذف ليس منهج التيار الإسلامى.
ورحب شادى طه، نائب رئيس حزب غد الثورة، بالدعوة لإنشاء قناة فضائية تمثل وسطية الأزهر وعلمائه،
لأن المصريين ينتمون للوسطية والسماحة التى يعتبرها الأزهر رسالته فى نشر الدعوة الإسلامية،
وهى الخطوة، التى ستساهم فى الحفاظ على هذه المؤسسة العريقة التى طالما أضاءت بعلمها ووسطياتها كثيرًا
من بقاع الأرض، لذا فإن الأزهر سيكون المدافع الأول عن الإسلام ضد من يدعون العلم
ويصرفون الناس عنهم بألفاظهم البذيئة، والتى لا تمت للإسلام بصلة.
وقال نائب رئيس غد الثورة، إن الاعتماد على شيوخ الأزهر فى تقديم برامج القناة المدعو لإنشائها سيكون خير حافظ
لمنهج الوسطية الدينية، والذى يبعد المواطنين عن التعصب والانتماءات السياسية، التى بدأت
تزعزعه عن الأمور الدينية، مطالبا أن تكون برامج القناة ناقلة لكل ما يحدث فى المجتمع
سواء قضايا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وإيضاح حكم الدين فيما يتعلق بها.
وأضاف نائب رئيس غد الثورة، أن أى مشروع فى بدايته يشهد تعثرًا ماديًا ولكن الفكرة
نفسها ستجد عددا من المستثمرين الذين يتبنونها ويجب أن تستغل فى تحقيق الهدف من ورائها
فى نشر منهج الوسطية فى الإسلام، وتحقيق أرباح من الإعلانات للإنفاق على مشروعات تتبناها
إدارتها فى المستقبل لخدمة المجتمع فى إطار سياسية البناء، التى يجب أن يعمل عليها الجميع فى المرحلة القادمة،
لذا فإنه ضرورى أن تتسم برامج هذه القناة بالمصداقية، وتتم الاستعانة
بمن لهم مصداقية لدى المواطنين لتلقى الرواج والانتشار المتوقع لها.