موضوع: لوأدركنا أننا جميعا أخطأنا، كانت نقطة بداية الثلاثاء يناير 01, 2013 3:00 pm
لوأدركنا أننا جميعا أخطأنا، كانت نقطة بداية 30/12/2012 خالد البرى
كثيرون ممن أيّدوا ثورة ٢٥ يناير فى بدايتها لم يهتفوا مع الهاتفين يوم ١١ فبراير «ارفع رأسك فوق إنت مصرى». من هتفت كانت فرحة بالإنجاز والحلم. إسقاط الفساد والتوريث، والسعى إلى «العيش والحرية والكرامة». أما الممتنعون فلم يقتنعوا بالحلم، وعلموا أن الإسلامجية ركبوا، وسيقيمون نظاما أسوأ من نظام مبارك. وأنهم سيحاربون كلمة «مصرى» كسبب للفخر وحدها. هل أصاب هؤلاء؟ الإجابة نعم، لحد الآن. ولا، لا يزال هناك أمل لو تحركنا. أنا من أنصار الـ«لا» الثانية. الأمة المصرية راكمت دَيْنًا ثقيلا ولن تنطلق إلى الأمام قبل أن تسدده. كانت مصالح نظام مبارك متداخلة مع الفساد، ولم يكن من أمل بعد ثلاثييييييين سنة أن يصلحها. لم يحدث هذا فى أى مكان فى العالم. كنا سنستمر فى ثنائية السلطة الفئوية + السيطرة الإسلامجية المجتمعية. المعادلة التى أوردت مصر المهالك خلال العقود الأخيرة. لقد أسقطنا الحكم العسكرى (واحد). والآن وفرنا سياقا لفضح الحكم الدينى (واحد وحتة). لن أقول إنه إنجاز حتى يتحقق الغرض منه، ونقيم وطنا ديمقراطيا حقيقيا. هل معنى هذا أن أنصار هذا الرأى لم يخطئوا؟ أبدا أبدا. بل ركبنا الخطأ من ساسنا إلى رأسنا. ينبغى أن نقر ونعتذر ونتحمل المسؤولية. بهذه الطريقة فقط نقدم القدوة ونعطى المثل لغيرنا من التوجهات السياسية. هذه نقطة البداية للحل. أين أخطأنا بالضبط؟! أخطأنا حين لم نتفق على ما بعد مبارك قبل أن نزيحه. أخطأنا حين صدقنا أن فكرا طائفيا يسعى إلى حكم وطنى. وهذا غباء ما بعده غباء. الإخوان كانوا الطائفة الأكثر تضررا من بقاء مبارك فى السلطة، وكان يجب علينا فى تلك اللحظة أن نستغل هذا سياسيا لحملهم على القبول بقواعد ديمقراطية حقيقية. ثم كان يجب أن نهدد بالانسحاب من الشوارع بمجرد أن التقوا عمر سليمان، أو أن نضرب أرجلنا فى الأرض وأن نكون شركاء فى صياغة المستقبل كما كان معلنا يومها. لكننا اخترنا أسوأ الحلول، وخدعنا نفسنا بأنه أنقاها. كيف؟! لقد اخترنا أن لا نتفاوض مع عمر سليمان ما دام مبارك فى السلطة. هذا صواب غير مكتمل. لقد خلطناه بقبولنا أن نكون عونا للإخوان، أداة فى أيديهم، لتوصيلهم إلى هدف مرحلى هو إزاحة مبارك. وكررنا ذلك كثيرا خلال مسار ما بعد التنحى. فكنا كمن اختار اللبن الأبيض، ثم خلطه بالسم. ثم إننا أخطأنا فى التوقيت. يقول أنصار البرادعى إنه كان صاحب الرأى السليم فى المسار ما بعد الثورة. نعم، هذا صحيح، إلا من مشكلة واحدة. أن هذا كان «بعد» الثورة. بعد أن صارت القدرة على المناورة السياسية، وتثبيت هذا المسار، محدودة. ثم كرر هذا بفشله فى استخدام الكتلة المؤيدة له فى كل الاتجاهات، وفى الوقت المناسب «لاحظى». لقد قيدت البرادعى رغبتُه الدائمة فى الرضا عن نفسه أخلاقيا. وهذا خطأ فلسفى. الخير فى السياسة هو تحقيق المصلحة العامة. يا صديقتى: «المواقف السياسية حزم متكاملة، طبخة متكاملة، لا يشفع لها أن ٩٥٪ منها صائبة إن كانت الـ٥٪ الأخرى قاتلة». أظن أن البرادعى يحتاج إلى تذكير نفسه بهذه الجملة الأخيرة. لكن الآخرين، من أول المنقلبين على الثورة إلى أنصار مبارك، وقعوا فى نفس الفخ. وليسوا أفضل منا حالا. كراهيتهم للثورة، وللبرادعى، جعلتهم يسلمون أمرهم للمجلس العسكرى، ثم لا يرون أن هذا بأفراده وقع أسيرا للابتزاز والإرهاب الإخوانجى. فكانوا، بعد التنحى، أداة فى يد الإخوان، يصوتون معهم فى التعديلات الدستورية، وفى الانتخابات البرلمانية، ويعادون البرادعى وقوى التحرير. أى أنهم -فى المحصلة- أخلوا الساحة للإخوان. لم ينقلب هؤلاء على الإخوان علنًا إلا بعد أن سحب الإخوان كلامهم فى موضوع الرئاسة وخدعوهم كما خدعونا سابقا. مافيش حد يا أستاذة أحسن من حد. ماتعمليش نفسك فاهمة وتتنططى علينا. إن اتفقنا على هذا، وأدركنا أننا جميعا أخطأنا، كانت نقطة بداية لمنع مصر من الانزلاق إلى حكم طائفى، وتوطية رؤوسنا للأبد. وهنا يأتى دور القيادات الواقعية التى يهمها تحقيق المصلحة السياسية وليس استمرار رضاها عن صورتها فى المرآة. يجب على القائد السياسى أن يمتلك شجاعة المبادرة، والقفز إلى مواقع غير متوقعة. فى هذا السياق: هل تحدثت جبهة الإنقاذ إلى الفريق أحمد شفيق؟ هل يجب؟ فكِّرى فى الموضوع وتعالى نتناقش غدا!! غدا لا بعد غد -التوقيت- انتبهى!