شهرزاد
صاحبة المنتدى
الساعة الآن :
عدد المساهمات : 4759
تاريخ التسجيل : 15/09/2012
الموقع : منتديات صحبة دراسيه
الأوسمة
:
 |  موضوع: اختفاء أماكن لعب الأطفال المجانية مرتبط بالثقافة، بسلم الأولويات. الأحد يناير 20, 2013 9:50 pm | |
| حياة تلفظ الأطفال خالد البرى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] طفل بلا مكان يلعب فيه يشبه -بالنسبة إلينا ككبار- أن نعيش فى مكان غير مسموح لنا فيه إلا بالأكل والشرب والحمام وتلقى التوجيه من آبائنا وأمهاتنا الذين يعيشون معنا فى نفس الشقة. تخيّلى هذا. تخيليه بدقة. ليس مسموحا لك فى ذلك المكان أن تلتقى صديقا أو صديقة، ليس مسموحا لك بإدارة حوار حول مواضيع «مشتركة»، وغير مسموح لك بأى نوع من التعرف على وجوه جديدة، وغير مسموح لك بأن تنظرى من الشباك خوفا عليك من السقوط. ا لمطلوب منك فقط أن تستمعى إلى أحاديث أبيك وأمك طوال النهار. أن لا تعرفى سوى منطقهم، وأن تتخلى عن اهتماماتك التى لا تناسب ذلك المنطق - منطقهم. ثم إن كل شىء فى ذلك المكان أكبر منك كثيرا، الجلوس على الكرسى يتطلب مجهودا، والنزول عنه يتطلب مجهودا. وفى ذلك المكان لا تشاهدين من التليفزيون إلا ما يقرره أبوك وأمك. وفى ذلك المكان كل شىء تفعلينه غير الذى أخبرك به أبوك وأمك شقاوة، تُنهرين عليها. وقد تُعاقبين. طفل بلا مكان يلعب فيه، يساوى نبتة لا تتعرض للضوء، وحيوان لا يخرج من القفص (وبتأكّليه وتشرّبيه وتدلعيه وكل حاجة)، وبذرة شجرة مزروعة تحت أرض أسمنت. سجن بمعنى الكلمة. وبعيدا عن التشبيهات البلاغية. هذا يؤثر على الأطفال فى نموهم (شوفى أجسام الأطفال وبالتالى الكبار فى مصر بقت عاملة ازاى)، وفى تكوينهم العضلى، وفى تكوينهم الذهنى، وفى ثقتهم بأنفسهم وتعوّدهم على المخاطرة وعلى تحمل المسؤولية، وعلى قدراتهم الإبداعية، وعلى صحتهم النفسية بالتعرض التدريجى لأطفال آخرين مختلفى التوجهات والطباع والقدرات التنافسية. طيب ليه، ليه، ماحدش بيهتمّ بيهم واحنا عارفين الكلام دا؟ لأسباب كثيرة، صدقينى، ليس من بينها الأموال. المدينة السكنية الملاصقة لدريم بارك، والمسماة دريم لاند، ليس فيها مكان للعب الأطفال. فيها ملاعب جولف وحمامات سباحة وحاجة أوريجينال خالص، لكن ليس فيها مكان للعب الأطفال. وكذلك الوايلى والزاوية. فى كل المناطق يحكمنا نفس التفكير. لو على بالك تلاعبى الأطفال -خصوصا ما قبل السنوات الخمس الأولى - تروحى تدفعى قد كده وتدخلى دريم بارك تقضى يوم كل شهر أو سنة، أو تروحى تدفعى قد كدهو ه وتلاعبيهم مع بتاع المراجيح غير الآمنة على الإطلاق، وطبعا هتمشى بعد دور أو دورين أو تلات ة بالكتير، وهتقعدى تذلى بنتك بيها سنة بعدها. الفلوس معناها على طول، الحد من وقت لعب الطفلة. الطفلة تحتاج إلى ساعة واثنتين من الانطلاق -على الأقل- كل يوم. تهرب فيهما من التوجيه والتلقين وتشوف ناس فى سنّها وعلى قدّ راسها. يا شيخة إنتى لو معاكى كلب، وعملتى فيه زى ما بنعمل فى أطفالنا، كان كَلِك وهرب. إنما اختفاء أماكن لعب الأطفال المجانية مرتبط بالثقافة، بسلم الأولويات. المجتمع المصرى لم يدرك معنى الانتقال من القرية إلى السيتى. ولم يدرك الفرق بين بناء فضاء لا حاجة فيه إلى مساحات للعب الأطفال (الغيطان موجودة) ولا إلى حمامات عامة، ولا جراچات، ولا إشارات مرور، وبين بناء فضاء الـ«سيتى» الذى يجب أن يأخذ كل ما سبق فى الاعتبار. بدءا من حاجات الأصغر والأضعف والأهم للمستقبل. بدءا من الرصيف الذى يجب أن يكون خاليا، ومعَدًّا بحيث تصعد عربة الطفلة عليه وتهبط بسلاسة. بدل ما نبطل إحنا كمان خروج علشان البنت بتتعب من المشى وبتزنّ و مابنقدرش نشيلها طول الوقت. دا أسمنت أقل فى نهاية الرصيف، لكن تفكير ووعى أكبر. مجتمعنا -اللى عينيه فى مؤخرة رأسه- مش باصص لقدام، مش شايف إن الأطفال دول همَّا أملنا. فالح بس تسأليه عن الأطفال يقول لك «الأطفال أحباب الله!». أيوه يعنى نعمل لهم إيه؟ نموّتهم علشان يروحوا الجنة وينعموا بالحب ده ولّا إيه يعنى؟! الطفل الفقير يحتاج إلى ملعب، كما يحتاج إلى أكل وشرب وطبطبة، ابن الأسرة المتوسطة يحتاج إلى خروج من الجدران الأربعة، ابن الأسرة الغنية يحتاج إلى أشياء بسيطة، فى مكان عام، يختلط فيه مع آخرين، ولما يزهق يمشى. دى الخطوة الأولى فى بناء إنسانة صحيحة الجسم والعقل والنفسية!! | |
|
