«عاوزين مرسى يعتذر لرجل تم سحله يا زبالة؟» 4/2/2013 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] خالد البرى
(١)
لم تكتفِ سلطة بنى إسرائيل الجدد بذلّ السَّحل لمواطن غلبان كان بالفعل بين أيديهم
ولا حاجة لهم إلى ضربه ونزع ملابسه، بل ضغطت عليه لكى يخرج بقصة مفبرَكة،
لا يصدقها عاقل. ولا تنطبق عليها سوى الآية التى يستخدمونها عن فرعون:
«فاستخفّ قومَه فأطاعوه إنهم كانوا قوم سوء فاسقين». مَن الذى يستخفّ قومَه الآن؟!
استمعى إلى رضا -ابن أخى حمادة صابر- وهو يؤكد أن كونهم فقراء لا يعنى أبدا
أنهم يقبلون الرشوة بالعلاج فى «مستشفيات الباشوات دى» ويطالب بإخراج حمادة
وعلاجه فى مستشفيات عادية أو «فى أزبل مستشفى فى مصر» على قد حالنا.
واستمعى فى نفس الوقت إلى أبى إسلام، شيخ من بنى إسرائيل الجدد فى مصر،
وهو يصف حمادة بأبشع الألفاظ، ويصف من يدافع عنه من المصريين بأنهم مجرمون وسفلة.
تخيّلى! مَن تدافع عن كرامة الإنسانة المصرية مجرمة وسافلة!! فيديو أبو إسلام متوافر
على النت تحت عنوان «عاوزين مرسى يعتذر لرجل تم سحله يا زبالة».
ستفهمين رضا أكثر إن كنتِ «على قد حالك» وسوهاجية. لأن تراجُع حمادة صابر عن شهادته
بهذا الشكل يمثل إهانة بالغة. هذا كسر عين. كأن الشرطة «ماسكة عليه حاجة»،
أو أنها تعرضت لأهله بمكروه، لا سيما أن أول مَن أعلن أنه بخير وأن الشرطة لم تؤذِه كان زوجته.
لكن يجب أن تعلم يا رضا أن العقلاء لا يلومون المواطن حمادة صبرى، بل يلومون الطغيان
الذى يستغلّ ضعف الناس، ويمارس عليهم جبروته. لقد اعتقد الشعب أن عهد الطغيان ولَّى.
لكن الحقيقة التى نكتشفها مَرّة بعد مَرّة أن التماهى بين سلوك «بنى إسرائيل الجدد»
بعد وصولهم إلى السلطة، وبين سلوك طغاة مصر السابقين، لافت للنظر.
ومخالف تماما لمحاولتهم إظهار أنهم الأعلى أخلاقا. وأنهم كانوا يعارضون الظلم.
بنو إسرائيل القدامى -أيضا- لاموا حكام مصر الفراعنة على «اضطهاد الغرباء»
فلما أقاموا دولتهم كانوا أسوأ، إذ جعلوا لأنفسهم قانونا وللغرباء قانونا
«ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل». بنو إسرائيل القدامى كانوا يعيبون على أهل مصر
أنهم «يعبدون حاكمهم»، فإذا بهم بعد أن «نجوا منه» يفعلون الأسوأ، يعبدون عجلا!
نحن أيضا يا رضا نتطور إلى الأسوأ تحت حكم بنى إسرائيل الجدد. النظام الساقط
كان يهين الناس فى غرف التحقيق، ونظام بنى إسرائيل الجدد يهين الناس على الملأ
وعلى الهواء مباشرة. النظام الساقط كان يجبر أبرياء على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها،
والنظام الإخوانى يجبر مجنيًّا عليه على اتهام مجنىّ عليهم آخرين بالجريمة التى ارتُكبت فى حقه.
(٢)
رضا شبّه ما حدث مع عمه حمادة صبرى بما حدث فى سجن «أبو غريب» العراقى. بالصدفة،
كنت -حين كُشف عن جريمة أبو غريب- أعمل فى بغداد مديرا مؤقتا لمكتب «بى بى سى» العربية هناك.
الجريمة فى «أبو غريب» كانت بعد سنة من الغزو، على أيدى قوات احتلال.
وكان النزلاء متهمين بقيادة عمليات مسلحة ضد هذه القوات، وبقتل جنود أمريكيين.
أما ما حدث هنا، فحدث على أيدى قوات وطنية، المفترض أنها تحمى أبناء هذا البلد.
وحدث مع شخص لم يكن يحمل سلاحا ولا قتل جنودا.
ما حدث فى أبو غريب كان بين أربعة جدران. وما حدث هنا كان على مرأى من العالم.
والسلطة المسؤولة عن «أبو غريب» اعتذرت عنه بلا قيد ولا شرط، وقدمت المتهمين
إلى محاكمة، ودفعت تعويضات للمتضررين. أما السلطة هنا فقد توارت،
ثم أمسكت بالمجنى عليه وأجبرته على مزيد من الإذلال. وخرج رجلها المسؤول
عن حقوق الإنسان فى وزارة الداخلية يكذب، ويستشهد بالله فى كذبه. لم يقرأ هؤلاء «القرآنيون
» الآية فى سورة هود: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ». ما حدث هنا لو حدث فى إسرائيل نفسها لانقلبت الدنيا. ذلك أن إسرائيل الحالية
تخلصت من كثير من إرث بنى إسرائيل القدامى. أما مصر فيحكمها
كل إرث بنى إسرائيل القدامى على يد بنى إسرائيل الجدد.