خبيرة التنمية البشرية رانيا المريا تكتب عن: التفاوض من أسرار القوة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] التفاوض هو إحدى الوسائل الاجتماعية لإدارة الصراع بين طرفين أو أكثر من أجل إيجاد طرق لحل الخلاف
حول مصالحهم، وهو البديل لإدارة الصراع بالعنف، لذلك قبل البدء فى عملية التفاوض،
يجب أن نحدد أولا نقاط الخلاف ومناطق المصالح المشتركة، لأن التفاوض هو نوع من الحوار لتبادل الاقتراحات
والرؤى بين الطرفين بهدف التوصل إلى اتفاق يؤدى إلى حسم قضية النزاع،
وفى نفس الوقت الحفاظ على المصالح المشتركة فيما بينهم .
ولا تتم عملية التفاوض إلا باكتمال وجود ركنين أساسين وهما المصالح المشتركة والقضية النزاعية،
وتتوقف ظهور الحاجة للتفاوض والاقتناع بها على إمكانية خلق هذه المنطقة من المصالح المشتركة
بين مناطق الاختلاف لدى أطراف التفاوض، فإيجاد هذه المصالح المشتركة ستكون الدافع للتضحية وبذل الجهد
فى التفاوض لدى الطرفين، وبالتالى تتولد قناعة لدى كل طرف بأن الاتصال المباشر الجيد والفعال
والتجاوب مع الطرف الآخر، يعد الطريقة المثلى لتحقيق نتائج مرضية لكل طرف،
ومن ثم يستخدم كل طرف قدراته التى تمكنه من إقناع الآخر، لتعديل
موقفه وتقديم تنازلات فى مطالبه الأصلية للتوصل إلى اتفاق يحقق مصالح عادلة للجميع.
ولذلك فإن معرفة مهارات الاتصال الفعال تساعد الشخص على الوصول لأهداف التفاوض بسهولة
فباستخدام هذه المهارات تنتقل المعلومات والمعانى والأفكار من شخص إلى أخر بصورة تجعل أفكار الشخص
ومشاعره معروفة للآخرين، والتى أيضا عن طريقها تتبادل المعلومات التى من خلالها يتوحد الفكر
وتتفق المفاهيم لتوحيد المصالح المشتركة وتعظيمها ومن ثم تتخذ القرارات لتحقيق الأهداف.
و من أهم هذه المهارات مهارة الاستماع وأعنى هنا عملية الإصغاء وليست فقط وظيفة
الآذن فى تلقى الأصوات، ولكن بمعنى الاستماع بانتباه إلى المعانى فيما يقوله المرسل فهناك مقولة،
إن متخذى القرارات الذين لا يصغون توجد لديهم معلومات أقل لاتخاذ القرار السليم !!!
ومن مهارة الإصغاء تنتج مهارة التحدث أو ما نطلق عليه المهارات الشفوية، فبالاستماع ندرك ونفهم
وجهات النظر المختلفة فنكون مؤهلين كى نتحاور فيها ونجادل بالبرهان والحجة وليس فقط بالصوت العالى،
فإذا أردت أن تكون متحدث جيد يجب أن تكون مستمع جيد، وتتمثل مهارة التحدث
فى القدرة على صياغة الألفاظ وتوجيه المناقشات والتصرف العلمى واستخدام نبرات الصوت المناسبة.
أما المهارات غير الشفوية فى الاتصال فتتمثل فى لغة الجسد من تعبيرات الوجه ونظرات العين
وحركة ووضع الجسم والأيدى والأرجل، بالإضافة إلى مهارة الإقناع والتفاوض للوصول إلى حلول
مرضية لجميع الأفراد والحرص على خلق المناخ المناسب عن طريق الاحترام المتبادل لمعتقدات
وقيم الطرف الآخر والبيئة المصاحبة الجيدة لعملية التواصل والحرص
على كيفية توفير المناخ الأفضل لعملية الاستقبال بصورة فعالة.
وعملية التواصل لا تقتصر فقط على التواصل بين الأفراد ولكنها تشمل أى طرفين يجمعهما كيان واحد،
فبالتالى تعبر أيضا عن التواصل داخل المؤسسات وبين الرئيس والمرؤسين، وداخل الدولة والحكومة
وبين المسئول وأفراد الشعب، فما يحدث اليوم من تشتت وإنقسام فى الآراء وتخبط فى التعبير عن التوجهات
ما هو إلا مثال حى وصارخ عن غياب التواصل الفعال بين أطراف المجتمع،
والذى أدى إلى تعدد المليونيات والاحتجاجات الغاضبة للمطالبة بتحقيق ولتوصيل الرأى بالصوت العالى.
فهل يتعامل كل من الرئيس أو المسئول من ناحية والمرؤوس وأفراد الشعب من ناحية أخرى
بمهارت الاتصال الجيد حتى يوصل رسالته بطريقة ناجحة للآخر، أم أن الفجوة فى اتساع مستمر
ما بين الطرفين إلى أن أصبحت بين أفراد الأسرة الواحدة، وكل يقف بجمود متمسك برسالته بدون محاولة
التساؤل أو التأكد من إجابة السؤال هل الرسالة وصلت وهل حال الانقسام والمنازعة هو ما نريد الوصول إليه؟؟؟
أم هل كل طرف على استعداد بأن يقوم بتعديل موقفه الأصلى إذا ما تقدم الطرف الآخر بحجج
وبراهين مقبولة تمكن من التوصل إلى أفضل النتائج للجميع؟؟؟ لنصل بهذه التساؤلات فى النهاية إلى قناعة
بأن التفاوض هو أفضل الوسائل لتعظيم المصالح المشتركة لأطراف التفاوض
وبالتالى نتأكد جميعا أن من يمتلك مهارة التفاوض يمتلك سر من أسرار القوة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]