الرئيس وسؤال صعب!3/2/2013 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نبيل عمر
هل الرئيس محمد مرسى فعلًا يودّ حلّ الأزمة المركَّبة التى تحيط بمصر وتكاد تفتك بها؟!
الإجابة المنطقية هى نعم، فهو المسؤول الأول بحكم المنصب والدستور
عن سلامة الوطن ومواطنيه، وهى إجابة يجب أن نتمسك بها ونصدقها،
لكن بما أننا فى زمن الشك والارتياب، فلا سلطان مأمون ولا شىء مضمون.
وأصل المعرفة سؤال قد يفتح باب القصر المسحور:
ما القرارات التى اتخذها الرئيس مرسى لإخراج الوطن من النفق المحشور فيه؟!منذ إلقاء الرئيس القنبلة النووية المسماة «الإعلان الدستورى» على الوطن فى نوفمبر الماضى..
لم يتخذ سوى بضع قرارات، جزء منها ودى وجزء رسمى، الجزء الودى
فى الدعوة إلى حوار وطنى، لكنها كانت دعوة فى الوقت الضائع بعد أن مرر
مشروع الدستور غير التوافقى الملغَّم بقيود ضد الحريات ويهيئ الأوضاع
لظهور جمعيات دينية لمكارم الأخلاق تطارد الناس بما تفهمه من الدين الحنيف
سواء كان صحيحا أو وهابيا، وفشلت دعوة الحوار فشلا ذريعا، ويستحيل أن
نصف جلساتها السبع تحت أى معنى آخر، فالحضور من نفس تيار الرئيس
ومن الطامعين فى نيل الرضا السامى وبعض الكرامات!
أما الجزء الرسمى فهو قرار بدعوة الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور
فى ظروف فى غاية التعس، فالمجتمع منقسم على نفسه أشد الانقسام،
وروج له أتباعه بشعار «نعم للدستور تخلِّى العجلة تدور»!
وبعده قرار إلغاء الإعلان الدستورى الذرى مع تحصين الآثار التى ترتبت عليه،
وهى إبقاء المستشار طلعت عبد الله فى موقعه نائبا عاما
بالمخالفة لكل الأعراف والتقاليد القضائية فى مصر.
ثم قرار حظر التجوال على مدن قناة السويس الثلاث وإعلان حالة الطوارئ..
مع تكرار الدعوة للحوار الوطنى بنفس الطريقة الفاشلة القديمة!
هذا هو الرئيس فى الشهرين الأخيرين مع الأزمة السياسية.
ببساطة لا متناهية ودون فذلكة، ولا قرار من قرارات الرئيس تعامل مع الأزمة
تعامُلًا صحيحا، بل كان على العكس تماماً يؤججها ويُلقِى فوقها ملايين اللترات
من البنزين «المدعوم»، فترتفع حدة الغضب إلى الحلقوم، والغضب العارم
يصنع حالة عمى وعدم إدراك، فيتصرف أصحابه مثل القطيع الهائج المذعور،
يأخذ فى وشه كل من يقف فى طريقه.. وأتصور أن أحداث العنف ومنها ما حدث
فى «الاتحادية» مساء الجمعة الماضى كانت جزءا من هذه الحالة،
وليس هذا تبرير للعنف، وإنما محاولة للفهم، لأن العنف أيا كانت دوافعه وأسبابه
هو جريمة تهدد سلامة الوطن والناس ومن العار تبريره.
نعود إلى السؤال: ماذا يريد الرئيس بقراراته إذا كانت تضيف خصومات
إلى الساحة السياسية وتشعل الموقف أكثر مما كان عليه؟!
إذن نحن أمام احتمالين: ا
لأول أن الرئيس لا يرى الأزمة على حقيقتها، ويفسرها بطريقة لا تتيح له الوصول
إلى القرارات التى تهدئ الأوضاع وتمهد الطريق لوقف العنف
والبدء فى حوار مجتمعى جاد للخروج النهائى من النفق.
الثانى أن الرئيس لديه برنامج أو خطة لإدارة الدولة لا يحيد عنها سواء كان
الواقع يقبلها أو يرفضها، وهو مصرّ على المضىّ قُدُمًا فى تنفيذها مهما كانت العواقب،
«واللى مش عاجبه يحبط دماغه فى الحيطة» أو ينتظر صندوق الانتخابات البرلمانية
بعد ثلاثة أشهر ويعترض فيه.
أتصور أن الاحتمالين صحيحان، فالرئيس من جماعة منذ تأسست فى عام ١٩٢٨
ترى نفسها على حق طول الوقت، بل هى على يقين من ذلك، فهى تدعو إلى الله،
وهى تأسست من أجل الإسلام ورفعة شأنه، فكيف تضع البشر فى حساباتها على حساب الدين؟
وأن كل المصائب التى ألمَّت بها سواء أيام الملكية أو الجمهورية لم تكن عقابا
على أخطاء ارتكبتها، وإنما كانت ابتلاء من الله واختبارا لمدى إيمانها وتمسُّكها بأهدافها.
إذن نحن أمام رؤية أحادية للواقع، رؤية أقرب إلى اليقين والإيمان، يستحيل أن تتبدل أو تتغير.
وهذا سر رفض الرئيس كل المبادرات التى تعوق هذه الرؤية، فهو فى حاجة إلى
حكومة هشام قنديل، حتى تحل محلها حكومة كاملة من الإخوان والمتحالفين معهم،
أما تشكيل حكومة إنقاذ وطنى فهو عائق يجب منعه.
ولا يجوز الاستجابة لأى مطالب بقبول استقالة النائب العام، لأن الرئيس والجماعة
فى حاجة ماسَّة إليه فى الفترة القادمة المضطرية، خصوصا ضد الإعلاميين
والصحفيين والسياسيين والثوار، بتوصيف جرائم على المقاس،
حتى يمكن إخضاع الأصوات العالية بالتدريج، لا إسكاتها تمامًا.
ولا مانع أن نتفق على تغيير ثلاث أو أربع مواد فى الدستور، ثم يرفضها مجلس النواب الجديد،
ويخرج بيان من رئاسة الجمهورية يقول إن البرلمان مؤسسة مستقلة
غير مُلزَمة بتنفيذ اقتراحات الرئيس، ودمتم.
لكن يظل الحل فى يد الرئيس، إذا تَحرَّر من قيوده!