بعد الحرب التي شنها السلطان سليم على الصفويين
بدأ يستعد لحرب المماليك الذين تحالفوا مع الصفويين
على العثمانيين ، والذين يختلف معهم بشأن إمارة
ذي القادر على الحدود بين الطرفين ، والتي قاعدتها
مرعش ، كما أن المماليك وقفوا مع بعض الأمراء
العثمانيين الفارين من وجه السلطان سليم ،
كما كان الموقف السلبي للدولة المملوكية في وقوفها
المعنوي مع الشاه إسماعيل الصفوي ، وشجعه على
هذه الحرب وجهاء الشام الذين خافوا البرتغاليين
، ولم يجدوا في المماليك القدرة على المقاومة ،
مع الظلم الذي كان يمارسه الممالك ضد أهل الشام ،
وبروز العثمانيين كقوة ضخمة اكتسحت أجزاء من أوربا .
ولما علم سلطان المماليك( قانصوه الغوري )
الملك الأشرف أبو النصر سيف الدين استعداد السلطان سليم
لغزو بلاد المماليك أرسل إليه رسولاً يعرض عليه
وساطته للصلح بين العثمانيين والصفويين ،
غير أن السلطان سليم بطبيعته العسكرية طرد الرسول وأهانه ،
لأنه قرر الحسم العسكري.
سار السلطان سليم بجيشه نحو بلاد الشام ،
واستعد للسلطان الأشرف قانصوه الغوري ،
واتجه نحو الأناضول ، والتقى الطرفان في مرج دابق
شمال غربي مدينة حلب ، وكان السلطان العثماني
قد اتصل بولاة الشام ومناهم ، أو التقوا به ،
وتقربوا إليه ، وعندما التحم الجيشان
يوم 25 رجب من عام 1922 ،
انفصل ولاة الشام بمن معهم وانضموا إلى العثمانيون
فانتصروا ، وهزم المماليك رغم شجاعة السلطان الأشرف
والجهد الذي قدمه ، وثباته في المعركة حتى قتل.
دخل السلطان سليم حلب ، وحماه ، وحمص ،
ودمشق دون مقاومة بل بالترحيب في أغلب الأحيان ،
وأبقى ولاة الشام على ولاياتهم حسبما وعدهم ،
بل زاد في مناطق نفوذ بعضهم حسبما بذلوا في ميدان مرج دابق ،
واتجه إلى مصر ، بعد أن قابل العلماء وأكرمهم ،
وأمر بترميم مسجد بني أمية بدمشق ،
وقد عين جانبرد الغزالي على دمشق ،
وفخر الدين المعني على جبل لبنان ، وهو من الدروز ،
وقد ساعد السلطان سليم ، ووقف إلى جانبه
بعد أن ترك المماليك ليحصل على الولاية ،
وهو من ألد أعداء العثمانيين وما يحملونه من أفكار إسلامية.
كان المماليك في مصر قد اختاروا سلطاناً جديداً
هو خليفة قانصوه الغوري ويدعى ( طومان باي ) ،
وقد أرسل إليه السلطان سليم يعرض عليه الصلح
مقابل الاعتراف بالسيادة العثمانية على مصر ،
غير أن طومان باي رفض ذلك ، واستعد للقتال ،
وكان السلطان سليم بيكي في مسجد الصخرة بالقدس
بكاء حاراً وصلى صلاة الحاجة داعياً الله أن يفتح عليه مصر ،
وتحرك نحو مصر وقطع صحراء فلسطين ،
والتقى الطرفان عند حدود بلاد الشام فهزم المماليك ،
ودخل العثمانيون غزة ، وفي اليوم الأخير
من عام 922 التقى الطرفان في معركة ( الريدانية )
على أبواب القاهرة ، وانطلق طومان باي مع كوكبة
من فرسانه إلى مقر السلطان سليم ، وقتلوا من حوله ،
وأسروا الوزير سنان باشا ، وقتله طومان باي
بيده ظناً منه أنه السلطان سليم ، ورغم الشجاعة
التي أبداها المماليك ، والمقاومة التي أظهرها المقاتلون
فإن العثمانيين قد انتصروا عليهم لتفوقهم بالمدفعية ،
وفي 8 محرم 923 دخل العثمانيون القاهرة.
وانطلق طومان باي إلى جهات الجيزة يقاتل العثمانيين ،
غير أنه قد سقط أسيراً بأيديهم ،
وقتل في 21 ربيع الأول 923.
ثالثاً : انتقال الخلافة :
بقي سليم في القاهرة ما يقرب من شهر وزع خلالها الأعطيات،
وحضر الاحتفالات ، ويقال أنه قد تنازل له الخليفة العباسي
محمد المتوكل على الله عن الخلافة ،
وسلمه مفاتيح الحرمين الشريفين ،
فأصبح السلطان العثماني منذ ذلك اليوم خليفة للمسلمين ،
ولكن الواقع التاريخي يقول : إن السلطان سليم الأول
أطلق على نفسه لقب ( خليفة الله في طول الأرض وعرضها )
منذ عام 920هـ 1514م ، أي قبل فتحه للشام ومصر
وإعلان الحجاز خضوعه لأل عثمان.
والحق أن صدق العثمانيين وجهادهم وكونهم
مقصد المسلمين الذين يتطلعون لمساعدتهم من هجوم البرتغال
هو الذي أكسبهم هذه المكانة ، ولم يكن السلطان سليم
مهتماً بلقب الخلافة وكذلك سلاطين آل عثمان
من بعده وأن الاهتمام قد عاد بعد ضعف الدولة العثمانية .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]