قال الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل فى حواره الثالث، مع الإعلامية لميس الحديدى
على فضائية "سى بى سى"، "لأول مرة أرى كيان الدولة فى خطر،
ويكفينى من الاستفتاء دلالاته، وعشنا فى بالونه كبيرة جدا فجرتها ثورة 25 يناير".
وأضاف هيكل: "أن نتائج المرحلة الأولى للاستفتاء لها دلالات خطيرة"، لافتًا إلى أنه ولأول مرة
حسابات الأرقام سيكون لها درجة كبيرة من الأهمية، والاستفتاء على الدستور أظهر أن البلاد منقسمة على نفسها.
وتابع هيكل: "يكفى الرئيس دلالات نتائج المرحلة الأولى ليرى الانقسام الذى فيه البلاد،
والدعوة إلى انتخابات مجلس الشعب بعد إقرار الدستور ستؤدى إلى المزيد من الانقسام،
والتركيز على الشأن الاقتصادى ضرورى، فالشرعية لا تحقق بالأرقام التى ستأتى بها الاستفتاء،
ولا يمكن قيادة بلد للمستقبل وهو منقسم".
وأضاف هيكل: "ناقوس الخطر أننا لا نتصور ما نعيشه حاليا أو ما نحن مقبلون عليه،
ومع الأسف لو اعتمد مرسى نتيجة الاستفتاء سيخطو بمصر إلى مصير نازى".
ولفت هيكل إلى أن مرسى وصل للحكم ووجد البلد مرهونا وليس لديه وسائل لفك الرهن،
والمشاكل فى البلد أكثر تعقيدا من أن يحلها الإخوان وحدهم والرئيس يتصل بأمريكا
ليجد دعما لكنه لم يحصل عليه مؤخرا.
وأكد هيكل على أن تركيا وأمريكا عبرتا عن قلقهما من الأوضاع فى مصر،
مشيرا إلى أن أردوغان طلب من مرسى الاستفادة من تجربة "أربكان" التى فشلت بعد عام.
وقال: "مرسى يتعرض لضغوط الجماعة، والوضع الاقتصادى، والولايات المتحدة الأمريكية
التى تلعب فى مصر دور أكبر مما نتصور، مؤكدا على أن هناك اختراقات كبيرة
من "السى أى أيه" ومكافحة الإرهاب وهؤلاء كانوا متواجدين من أيام مبارك.
وتابع المصريون متعبون، ولذلك يطالبون بالاستقرار التصويت "بنعم"، لم يكن للدستور أو الإخوان إنما بحثا عن الاستقرار.
وأضاف هيكل، مواد الدستور فيها عوار شديد، والمادة الأولى تخلط بين هوية أمة وتحقيق الشخصية،
والقاهرة تم الاستفتاء عليها، ومن سيقرر مصير هذا البلد وهى "الشخلوبة"، والقاهرة،
ولا أرى أن تصويت القاهرة طائفى، ولكنه يعود إلى التعليم،
ولا أعتقد أيضا أن تصويت الصعيد كان طائفى، ولكن يمكن ربطه بالتعليم أيضا.
وقال: "إن التمكين هو هدف مرسى والإخوان، ولكن الأهم هو مستقبل مصر"، مشيرًا إلى
أن وما إذا كان المفتاح الإخوان معهم الرئاسة والسلطة، لكن البلد منقسم ولا توجد جسور للعبور،
ومشاكل مصر أكبر من أن تسيطر السلطة وحدها على الواقع الذى نعيشه.
وأضاف هيكل: "ليس المهم أن تكون لديك السلطة، لكن الأهم أنت تمتلك الفكر للسير للمستقبل"،
مشيرا إلى أن العنف الحالى ضمن المؤثرات الصوتية والمرئية الموجودة،
ولا يؤثر على المستقبل وظواهر العنف جزء من مشكلة أكبر هى الأمن.
وأكد هيكل على أن المرحلة الثانية من الاستفتاء ستشهد خروقات أكبر من المرحلة الأولى،
لأنها الحاسمة للإخوان أمام العالم الخارجى وأمريكا، مؤكدًا أن الانتهاكات
فى المرحلة الثانية ستكون مكشوفة، والضغوط ستمارس بقسوة.
وأضاف هيكل الجولة الأولى أكثر صلاحية لقياس المستقبل من الثانية،
رغم كل إجراءات التمكين، فالجميع بمن فيهم الإخوان لا يجد أرضية يقف عليها.
وأوضح أنه على أن فاروق العقدة محافظ البنك المركزى المصرى أخبر الرئيس مرسى
أن كل اللمبات أضاءت اللون الأحمر، بما يعنى أن الاقتصاد المصرى فى خطر،
وهذا يرجع إلى عدم الاستقرار، لأننا لا نعلم أين موضعنا؟
والإخوان احتلوا الفراغ الذى تركته باقى القوى السياسية.
وأضاف هيكل لا أحد يقف ليقول نحن "فين"، والمشهد المصرى عصبى
والجميع يجرى دون أن يعرف إلى أين يتجه؟ وإذا لم نتوقف لنتبصر موضع أقدامنا فهذا يعد خطرًا.
واستطرد: "الإخوان عاشوا يتصورون أنفسهم فى السلطة وهم لديهم تشوق كبير للسلطة
وتصوروا أنهم أغلبية وأحق بها، وأن أبرز قيادات الإخوان كانوا يزورونه فى مكتبه
ويقولوا له نريد أن نلتقى باللواء عمر سليمان ولو مرة".
وقال: المستشارون حول مرسى أغلبهم من "المقطم"، وراعنى أن بعض المستشارين تم اختيارهم
من خلال أحاديثهم التلفزيونية، وعند اختيار الرئيس لمستشاريه حدث خلط كبير بين النجومية والقيمة.
ولفت إلى أن الدائرة القريبة من مستشارى الرئيس تتسبب فى ضغط كبير، مؤكدا على أن
الإعلان الدستورى صدر دون تنسيق مع "المقطم"، وهناك قنوات اتصال بين مرسى والمقطم،
الذى اضطر للنزول للشارع لمساندة الرئيس بعد أن فشل الإعلان الدستور الأول.
وأكد هيكل أن الرئيس مرسى يواجه ضغوطا بسبب الأزمة المعقدة فى البلاد، والاعتماد المبالغ فيه
على الأمريكان فضلا عن ضغوط اقتصادية كبيرة عرفتها من "فاروق العقدة"، لكن لم أعرف ماذا دار
فى لقائه مع الرئيس، مضيفا: "جلست مع العقدة وحالة الدولة المصرية الاقتصادية وصلت لأخطر مراحلها بشهادته".
وكشف هيكل عن أن توقعاته الأولى أن تخرج نسبة الاستفتاء 70% لـ نعم، مشيرًا إلى أن حمدين صباحى
كان على حق عندما طلب المصريين بالنزول والتصويت بـ"لا"، لأنه يعرف نبض الشارع
أكثر من أى شخص أخر، مضيفا: "لا أتوقع تغييرات كبيرة فى التصويت فى المرحلة الثانية،
ولا يمكن إقرار الدستور دون توافق فهو ميثاق عيش مشترك".
وقال إن القرار المصرى كان للبيع فى عهد مبارك لأمريكا وغيرها، وعندما جاء الإخوان
وصلوا للسلطة وأمريكا سيدة الموقف فى مصر أيضًا،
وعندما جاء الإخوان كان الأمريكان فى وضع لا يمكن التخلى عنهم ببساطة.
وشدد هيكل على أن أمريكا تريد أن تكون كل الأطراف فى المنطقة متورطة فى السلام مع إسرائيل،
لافتًا إلى أن القوى الدولية تتصل بالأطراف القادرة على التأثير على المسرح المحلى،
مشيرا إلى أن ما حدث لنا أكبر عملية خداع بصرى أوهمنا بقوة الإخوان المسلمين،
وأمريكا توهمت أيضا أن الإخوان الأقوى على الأرض.
وأوضح هيكل أن رسائل أمريكا الأخيرة للإخوان رفضت ما يحدث فى مصر، وأوباما طالب الوفد المصرى
بالتهدئة، وأنه لا يمكن إقصاء الأطراف الأخرى، مضيفا:
"هذا الأسبوع سيكون فاصلا بين الحل والطريق المجهول".
وقال هيكل: "إن أمير قطر الشيخ حمد بن جاسم، قال لى لا أحد يستطيع أن يؤدى الدور المصرى،
لأن دور مصر مهم جدا فى المنطقة، ولا أعلم إذا كان صادقا أم لا"، لافتا إلى أن مصر بمثابة الأب
والعالم العربى يستريح لوجود الدور المصرى الإقليمى، مضيفا:
"إن حافظ الأسد كان يقول كلنا نخطأ ولا نخاف لأن مصر فى ظهورنا".
ولفت إلى أن التغيير الكبير الذى حدث للإخوان أنهم انتقلوا من الهامش إلى المتن، ونحن جميعا نظرنا للفراغ،
فرأينا الإخوان أكبر من حجمهم وعندما أصبح الإخوان تحت أضواء السلطة ظهروا على حقيقتهم.
وتابع: "تقدير أمريكا للإخوان يتقلص تدريجيا وقوى المعارضة
لم تختبر حتى الآن، وهذا هو المأزق، وأزمة مصر أكبر من أن تنفرد بحلها جماعة".
واستطرد: "لا أعتقد أن ما فعلناه فى غزة إنجاز، وإسرائيل حققت كثيرا مما تريد فى غزة،
لأنها كسرت كل ما تريده، وإسرائيل لوحت بالدخول البرى لغزة فأرعبت الجميع،
ولم يكن الدخول البرى هدفها".
وأضاف هيكل تدخل مصر لوقف النار فى غزة ليس جديدا، وهناك جهود سابقة لجهود المخابرات
ونحن أمام إنجاز، لكن الجديد هو تحت إدارة إسلامية، مشيرًا إلى إن
ما تحقق لأمريكا هنا هو تطويع التيار الإسلامى واعترافه بالسلام مع إسرائيل.
وقال هيكل إن مستقبل العالم كله سيحسم فى منطقة الشرق الأوسط خلال العامين القادمين،
لافتًا إلى أن"جون كيرى" السيناتور الأمريكى المرشح لوزارة الخارجية، ممن شهدوا
أن الإخوان أكبر قوة فى مصر، وكيرى سيدير الموقف لصالح أمريكا وليس الإخوان.
وأشار إلى رفضه أن تقوم دولة بوضع استوديوهاتها فى دولة لتوجيه شىء معين، رافضا فكرة
فتح دول عربية قنواتها فى مصر مثل الجزيرة مباشر مصر، لافتا إلى أن أدارة الدولة المصرية
لا تكون بالاستعانة بأصحاب سلاسل محلات تجارية، وأخشى أن تتحول الحكومة التوافقية إلى حكومة "تلفيقية".
وكشف هيكل عن أن الإخوان ليست لديهم القدرة أو الخبرة، ومع ذلك يقولون للآخرين موتوا بغيظكم،
لافتًا إلى أنه يمكن أن يكون عمرو موسى مفوض للعلاقات الخارجية.
وأضاف: "على السياسة أن تتدبر أمرها وتمكن القوات المسلحة من أداء مهامها،
والناس فى حالة إحباط لأنها لا ترى قيادة، والشباب لديه إحباط لأن لا يرى المستقبل أو حتى مشروع له.
وقال: "إن لدينا معارضة كبيرة تطحن لكن يصعب قياس قوتها فى الشارع،
ولدينا خزان كفاءات للمصريين ولابد أن يتشاور الرئيس مع جماعته ويدرك أن البلد أكبر من الجماعة".
وأضاف هيكل أخاف من انتشار العنف خاصة فى ظل وجود كم سلاح كبير فى البلاد،
لابد من تأجيل العمل بالدستور، لأنه سيؤدى بمرسى إلى استبداد لن يتحمل نتائجه،
وأدعو الله أن يوفق الرئيس مرسى ويأخذ الاستفتاء كموضع دراسة، وأن يدرس الوضع فى البلاد
وأتمنى أن يتعامل مرسى مع الاستفتاء كدلالة، وعليه عدم التعجل لأن البلاد منقسمة.
وتابع: "أتمنى أن تكون عقولنا فى رؤوسنا وليس فى موضع آخر وعلى الرئيس مرسى
أن يرأس الوزارة بنفسه ولابد أن يدرك مرسى أن حل مشاكل مصر فى أن لم يكون بمفرده،
وأن يأتى ببعض الكفاءات مثل البرادعى وحمدين وعمرو موسى والعقدة وأن يأتى بمجموعة مسؤلين
لديهم القوة، فلا يوجد مسئول فى مصر الآن يرغب فى اتخاذ قرار خوفا من المحاسبة،
فالعبء اليوم أكبر مما يتصور، ونحن على شفا الهاوية ولابد أن نخطط على المدى البعيد".
موضوعات متعلقة..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]