إذا أردت أن تطاع!2/2/2013 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]خالد داوود
مسكين هو رئيسنا المحترم محمد مرسى. يخرج علينا بخطاب عنترى، يهدد فيه
ويتوعد بصوته الهادر، وبأصبعه الذى صوبه مرارا فى وجوهنا، معلنا حالة الطوارئ
فى مدن القناة الباسلة التى علمتنا الوطنية، ويهدد بالمزيد، ليأتيه الرد مباشرة
من أبناء هذا الشعب البطل مستهزئا ورافضا قراراته. ويبدو أن هناك سحرًا
ما لمقعد الرئاسة يجعل من يشغلونه يتخذون قرارات لا يمكن تنفيذها إلا فى خيالهم الخاص.
ومن المؤكد أننا الشعب الوحيد فى العالم الذى يعلن عليه حاكمه حالة للطوارئ
وحظرًا للتجول، ويكون الرد هو الخروج فى نفس الموعد المفترض لبدء الحظر
لنحتفل ونرقص ونغنى ونلعب الكرة، مع نفس قوات الجيش التى من المفترض
أن تحبسنا فى بيوتنا، بل وتطلق النيران علينا نظريا،
لو خالفنا قرارات الرئيس المعزول فى فقاعة جماعة الإخوان المسلمين.
من الذى سيطبق الطوارئ يا سيادة الرئيس، وعلى من؟ على شعب مدينة السويس
التى انطلقت منها ثورة 25 يناير 2011 عندما قتلت قوات الأمن أربعة من أبنائها؟
أم على شعب بورسعيد والإسماعيلية اللذين ذاق على أيديهم الإنجليز والإسرائيليون الأمرَّين؟
وهل كانت تسود البلاد حالة من الأمن العام والاستقرار الذى كدرته الأحداث الأخيرة
لدرجة تتطلب فرض الطوارئ؟ البلد فى حالة فوضى يا سيادة الرئيس
منذ أن توليت منصبكم، وسياساتكم، وإصراركم على فرض نهج وفكر
جماعة الإخوان المسلمين على المجتمع بأكمله، لا يؤدى سوى إلى المزيد من الفوضى.
للأسف الشديد، وعلى حساب الوطن، حققتم أسوأ التنبؤات التى كانت
تُحذر من أن مفهومكم للديمقراطية هو أنها انتخابات لمرة واحدة فقط، تستغلون بعدها
فوزكم لتقتلوا الديمقراطية وتكتبوا وحدكم دساتير وقوانين لا علاقة لها بالديمقراطية
أو بأهداف ثورة يناير التى سمحت بوصولكم إلى الحكم بعد أن كان أقصى
ما تتطلعون إليه مئة مقعد أو أقل فى مجلس الشعب فى عهد الرئيس المخلوع.
هل سيُطبِّق الحظر والطوارئ جنود وضباط الأمن المركزى الذين أعيتهم
المواجهات المتواصلة فى معارك دفعتم أنتم إليها بسبب سياسات مكتب الإرشاد
بجماعة الإخوان التى تصدر لك نسخة من القرارات لتقوم بالتوقيع عليها وقراءتها؟
ألم تدرك ولو للحظة (الرئيس مرسى) أبعاد المشهد الذى لم نره من قبل منذ إنشاء
الجمهورية المصرية فى 1952، عندما يطرد ضباط وجنود الأمن وزير الداخلية
من المسجد حين ذهب للمشاركة فى جنازة قتلى الشرطة فى أعقاب
الحكم الذى صدر فى قضية مجزرة استاد بورسعيد؟
هؤلاء الضباط والجنود يا رئيسنا الشرعى المنتخب يشعرون بالمرارة،
كما الكثير من المصريين، لأنك أهملتهم، وتراجعت عن كل الوعود التى قدمتها لهم
بالعمل على جعل حماية الأرواح وتحسين مستوى معيشتهم أولوية. هم غاضبون حانقون
لأنك وكل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المحيطة بك كنتم تعلمون
أن يوم السادس والعشرين من يناير ستصدر فيه أحكام هامة فى قضية شديدة الحساسية.
ورغم ذلك، كان جدولك يتضمن المغاردة فى نفس اليوم إلى إثيوبيا لحضور قمة إفريقية،
وسبقك بيوم رئيس وزرائك الغلبان الطيب إلى مغادرة البلاد لحضور مؤتمر
فى منتجع الأغنياء فى سويسرا. البلاد تغلى والكل يحذِّر ويطالب بالاستعداد والاحتراز،
سواء لما قد يحدث فى احتجاجات إحياء بدء العام الثالث من الثورة فى 25 يناير،
أو فى أعقاب أحكام مجزرة بورسعيد فى اليوم التالى، بينما الرئيس ورئيس وزرائه
كانا يعتقدان أن الأمور باقية تحت السيطرة لدرجة أنهما قررا مغادرة البلاد.
هل فى هذا أى إحساس بالمسؤولية؟ دماء من سقطوا من الشهداء فى بورسعيد
وفى السويس وفى الإسماعيلية فى رقبتك ورقبة جماعتك المتأسلمة يا مرسى.
تماما كما دماء من سقطوا أمام قصر الاتحادية فى 5 ديسمبر 2012 عندما تجاهلت
أنك رئيس لكل المصريين وسمحت لميليشيات الإخوان بتولى مهمة الدفاع عن كرسيك
وسلطانك بدلا من الأجهزة الأمنية المنوط بها هذا الأمر.
ويزيد الطين بلة أن الرئيس وجماعته يرفضون رؤية ضوء الشمس، والاعتراف بأن
الغضب والسخط الشعبى واسع، يفوق بكثير أوهامهم من أن كل من يقومون بالمظاهرات
والاحتجاجات هم أقلية يحركهم النظام السابق. وفى أعقاب جلسة أخرى من تلك الجلسات
السخيفة التى يسمونها بالحوار الوطنى، بينما هى فى الواقع جلسة للرئيس مع أصدقائه
ومستشاريه، خرج المهندس أبو العلا الماضى رئيس حزب الوسط ليطلعنا أن الرئيس
أخبرهم بأنه لديهم شرائط فيديو لأشخاص يطلقون النار على الشرطة والمدنيين
من فوق الأسطح، ودلائل بأن من يقفون وراء الموجة الأخيرة من المظاهرات
هم فى الأساس تابعون للنظام السابق. هذا عدا الهذيان الخاص بتورط جبهة الإنقاذ الوطنى
فى مؤامرات خطف الرئيس من قصره وتلقى أموال من الخارج والتى لا تخرج سوى
من عقول خاوية اعتادت العمل فى الظلام ولا تؤمن سوى بالمؤامرات.
إذا كان هذا فكر الرئيس وجماعته، فنحن بالتأكيد نسير نحو الهاوية بسرعة.
فنحن أمام رئيس لا يريد الاعتراف بأخطائه وتحمل مسؤوليته، ويلقى كل اللوم على معارضين
كارهين متآمرين، وقوى خارجية. أليس هذا هو تماما ما كان يفعله النظام السابق؟
أليست هذه هى نفس اللغة والاتهامات؟ الشعب يا سيادة الرئيس يريد منك تحقيق وعودك:
يريد حكومة وطنية من المتخصصين والكفاءات المتمتعين بالنزاهة ونظافة اليد
لكى يخرجوا بنا من هذه الحالة الاقتصادية المتدهورة، يريد دستورا يناسب طموحاته
التى خرج من أجلها فى ثورة شعبية عظيمة قبل عامين، ليس دستورا يسمح
بتضييق الحريات وإنشاء ديكتاتورية جديدة هذه المرة
باسم الدين وفهم جماعة الإخوان المسلمين له.
كما نريد نائبا عاما يجعلنا نشعر بالثقة أن لدينا قضاء نزيها، ونريد منكم احترام القضاء
بدلا من توجيه أنصاركم لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا، أو أى محكمة أخرى
قد ترون أن أحكامها لا ترضيكم ولا تخدم مصالحكم. ونتمسك باسم دولة القانون
أن نعرف ما هو الوضع القانونى لجماعتكم الإخوانية المجيدة. بأى حق يدير
بلادنا المرشد العام الذى لم ننتخبه، ومعه أعضاء مكتب الإرشاد المحترمون؟
من أين تأتون بأموالكم؟ كيف تنفقونها؟ لماذا كل هذا الغرور والإصرار على أن رأسكم
يزينه ريشة، فترفضون الخضوع للقانون وترون أنكم جماعة فوق كل الجماعات،
فلا يحاسبكم أحد ولا يسآئلكم، سواء فى نشاطكم المحلى أو العربى والدولى؟
هذه المطالب حقيقية ولا علاقة لها بأجندات خارجية، وإذا أصر الرئيس وجماعته
على عدم التجاوب معها، فهم من يدفعون دفعا نحو إنهاء شرعية
مؤسسة الرئاسة ومواصلة الغضب الشعبى.
ونصيحة أخيرة سيادة الرئيس: إذا أردت أن تطاع، فلتأمر بما هو مستطاع، وكفاك أوهاما!